قبل أن يُعلَن عن الاتفاق التركي - الأميركي مساء أمس، كان الجيش السوري يتابع انتشاره الميداني في المناطق التي دخلها أخيراً. إذ قام باستحداث عدة نقاط على الطريق الواصلة بين منبج وعين العرب، مع الإبقاء على حواجز «مجلس منبج العسكري» التابع لـ«قسد» ونقاط مراقبته في المنطقة. بالتوازي مع ذلك، نجحت «قسد» في صدّ هجوم عنيف لفصائل «الجيش الوطني» الموالية لأنقرة على مدينة رأس العين الحدودية التي يحاصرها الجيش التركي والفصائل الموالية منذ أيام. كما نجحت في استعادة زمام المبادرة في ريف الرقة، بعد استكمال الجيش السوري انتشاره في مناطق فيها، حيث استعادت السيطرة على 9 قرى بين تل أبيض وعين عيسى، في محاولة منها للاقتراب من مدينة تل أبيض. وعلى رغم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، واصلت طائرات تركية استهداف مدينة رأس العين، وسط استمرار الاشتباكات العنيفة بين «قسد» و«الجيش الوطني» على أكثر من محور في المدينة، في ما قد يكون محاولة تركية أخيرة للسيطرة على المدينة قبل بدء سريان الاتفاق، وفق ما قدّرت مصادر كردية ميدانية في حديث إلى «الأخبار».
الأسد: الهجوم التركي «هو غزو سافر وعدوان واضح»

وحول الاتفاق التركي - الأميركي، قال مصدر كردي في «الإدارة الذاتية» لـ«الأخبار» إنهم «وافقوا على وقف إطلاق النار حقناً لدماء الشعب»، لافتاً إلى أن الاتفاق «دخل حيز التنفيذ عند العاشرة من مساء اليوم (أمس)». وأوضح المصدر أن «القرار جاء بعد مقاومة كبيرة أبديت في رأس العين، ومختلف مناطق شمال وشرق سوريا»، مؤكداً أنه في «الأيام الخمسة المقبلة سيكمل الجيش السوري انتشاره على الشريط الحدودي لحماية وحدة البلاد»، معتبراً أن «مصطلح المنطقة الآمنة سيسقط بعد أن يُتمّ الجيش انتشاره». من جهته، أعلن القائد العام لـ«قسد»، مظلوم كوباني، والذي تولّى المفاوضات مع الأميركيين والسوريين والروس، عبر فضائية «روناهي» الكردية، أن «إعلان اتفاق وقف لإطلاق النار بيننا وبين تركيا صحيح، ويتم العمل عليه منذ ثلاثة أيام»، مشيراً الى أن «الاتفاقية محصورة بالمناطق بين تل أبيض ورأس العين»، أي مناطق العمليات الحالية التي لم يدخلها الجيش السوري، وكان متوقعاً أن تستكمل تركيا عمليتها فيها، ضمن التوافقات مع موسكو. وأضاف كوباني «(أننا) قبلنا بالاتفاق وسنفعل ما يلزم لإنجاحه»، واصفاً إياه بأنه «بداية، ولن يستمر الاحتلال التركي، وتم وضع حد للاحتلال».
وكان الرئيس السوري، بشار الأسد، توعّد، في وقت سابق أمس، بالردّ على الهجوم الذي تشنه تركيا منذ التاسع من الشهر الجاري «بكل الوسائل المشروعة»، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية «سانا». وقال الأسد، خلال استقباله مستشار الأمن الوطني العراقي فالح الفياض، إن الهجوم التركي «هو غزو سافر وعدوان واضح»، مضيفاً أن سوريا «سترد عليه وتواجهه بكل أشكاله في أي منطقة من الأرض السورية عبر كل الوسائل المشروعة المتاحة». وأشار الأسد إلى أن سوريا ردّت على الهجوم «في أكثر من مكان عبر ضرب وكلائه وإرهابييه».
على خط مواز، أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أمس، أن وزير الخارجية سيرغي لافروف، ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، بحثا الموقف في شمال شرق سوريا، وعبّرا عن استعدادهما لتسهيل إجراء محادثات بين الأطراف المعنية. وقال الوزيران إن من الضروري تحقيق استقرار دائم في منطقة شرق نهر الفرات عبر «حوار بين دمشق وأنقرة وبين السلطات السورية وممثلي أكراد سوريا».