لا تزال مفاوضات جدة بين حكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي و«المجلس الانتقالي الجنوبي»، والتي ترعاها «اللجنة السعودية الخاصة»، تدور في حلقة مفرغة. ووفقاً لمعلومات «الأخبار»، فإن عضو اللجنة، السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر، أوعز إلى فريق «الشرعية» بالتشدّد في المطالب، في إطار خطة لإضعاف «الانتقالي»، ومن ورائه الإمارات التي تضيق خياراتها في اليمن، في ظلّ انسحابها التدريجي من محافظاته الجنوبية، وتحديداً عدن حيث سلّمت معظم مراكزها للقوات السعودية. هذه التطورات أعادت تفجير أزمة الثقة المتجددة بين «الانتقالي» وجمهوره، لاسيما بعد تبخّر وعوده الخيالية بإنشاء دولة انفصالية جنوبية، وثبوت لا واقعية دعوته إلى تقرير المصير، والتي ربط مشاركته في «التحالف» وتجنيده الشباب الجنوبي لقتال الشماليين بها. لكن ها هو المجلس، إزاء متاعب «التحالف» وخلافاته البينية، يرتمي في أحضان «الشرعية» التي طالما خاصمها وأشهر السلاح في وجهها، ويقبل بوزارتين أو ثلاث وزارات على أبعد تقدير، فضلاً عن بعض المناصب الإدارية المحدودة. لكنه في الوقت نفسه لا يزال يحاول تحسين شروطه، من خلال مطالبته بإدارة المحافظات الجنوبية، ورفضه الاعتراف بـ«المرجعيات الثلاث»، المتمثلة في قرار مجلس الأمن رقم 2216، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وهذه الأخيرة تحديداً تسبّب استفزازاً لجمهوره، كونها تعني التماهي مع فريق «الشرعية» وفقدان ورقة الانفصال التي طالما تمسّك بها.
بدأت القوات الإماراتية، مطلع الأسبوع الحالي، الانسحاب من محافظة حضرموت


وينصّ مشروع اتفاق جدة على إلحاق جميع القوى الأمنية والعسكرية التي كانت تخضع للإمارات بوزارتَي الداخلية والدفاع التابعتين لحكومة هادي، وعودة البرلمان إلى الانعقاد في مدينة عدن. قرارٌ باشرت لجنة سعودية مكوّنة من ضباط إجراء ترتيبات أولية لتنفيذه، مبلِغةً قيادة «الحزام الأمني» خلال اجتماعها بقيادته في مدينة الشعب في عدن أنه ابتداءً من هذا الشهر ستكون القيادة السعودية هي المسؤولة عن هذه القوات بدلاً من الإمارات، وذلك حتى الانتهاء من عملية الدمج. وقد كان من شأن تلك التطورات أن تُحدث انهياراً معنوياً في صفوف قيادات «الانتقالي» و«الحزام» وأفرادهما، إلى حدّ أن بعضهم عمد إلى بيع الأسلحة والذخائر التي في حوزته، فيما لجأ آخرون إلى نهب عدد من الأطقم والمعدّات.
في خضمّ ذلك، بدا لافتاً أن «الهلال الأحمر الإماراتي» أوقف، في خلال الساعات الماضية، أعماله في عدن، بل إن إدارة «الهلال» طلبت سحب قطع غيار كهربائية كانت قد قدّمتها كمساعدة لمحطة الحسوة في المحافظة، حسبما تظهر وثيقة رسمية صادرة عن مدير الكهرباء في عدن. وتبيّن الوثيقة أن ممثل «الهلال»، سعيد البدواوي، طلب من إدارة محطة الحسوة التعاون مع «شركة الفيصل» لتسهيل عملية إخراج القطع المتعلقة بالمحطة التوربينية التابعة للإمارات. طلبٌ أثار سخرية الناشطين اليمنيين، الذين استغربوا سعي الإمارات إلى سحب مساعدات كانت قد قدّمتها في وقت سابق خلال سيطرتها على عدن، وتحاول اليوم استعادتها قبل مغادرتها اليمن نهائياً.
أما في محافظة حضرموت، فقد بدأت القوات الإماراتية، مطلع الأسبوع الحالي، الانسحاب من المواقع والمعسكرات التي كانت تسيطر عليها منذ أكثر من عامين في مديريتَي ثمود ورماة، مُسلِّمةً إياها للقوات التابعة لفريق «الشرعية». ووفقاً للمعلومات، فإن القوات الإماراتية المنسحِبة توجّهت إلى مدينة المكلا الساحلية، مركز المحافظة، تمهيداً للمغادرة على متن سفينة عسكرية.