الحسكة | على رغم الاتهامات التي توجهها «قسد» إلى الروس بالعمل لمصلحة تركيا، وظهور تصريحات تظهر تمسّك الأكراد بالتنسيق مع الأميركيين، في محاولة للحفاظ على مكاسبهم السياسية والعسكرية، فإن «قسد» أعلنت أمس قبولها اتفاق سوتشي، وبدء تنفيذه على الأرض. بداية التطبيق جاءت بإنجاز الانسحاب من الشريط الحدودي، ما أعطى إشارات تدل على تقارب رؤية «قسد» مع موسكو ودمشق تمهيداً لتوسيع التفاهم العسكري إلى اتفاق شامل. وأظهرت مشاهد بثتها وسائل إعلام كرديّة أمس انسحاب رتل آليات من الشريط الحدودي الرابط بين المالكية ورأس العين ليتوجّه بعدها باتجاه مدينة الحسكة وأريافها، جنوب الطريق الدولي «حلب ــــ الحسكة». وأعلنت «قسد» في بيان «موافقتها على تطبيق المبادرة الروسية لوقف العدوان التركي على شمالي وشرقي سوريا»، مؤكدة «إعادة انتشار قواتها في مواقع جديدة بعيدة عن الحدود التركية ــــ السورية»، كما دعت روسيا إلى «تنفيذ التزاماتها وضمان فتح حوار بناء بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية».موافقة «قسد» على تطبيق بنود «سوتشي» تؤمّن أجواء إيجابية لبدء إجراءات بناء الثقة بين الأكراد وروسيا والحكومة السورية، ما يمهّد لتسوية مناسبة تعيد قرابة 28% من جغرافيا البلاد في الشمال والشرق إلى سيطرة دمشق. وبرزت الإيجابية في التقارب الرسمي مع «قسد» عبر ترحيب الخارجية السورية في ييان رسمي، بـ«انسحاب المجموعات المسلحة في الشمال السوري إلى عمق 30 كلم، بالتنسيق المباشر مع الجيش السوري». وأكّد البيان أن «الانسحاب يسحب الذريعة الأساسية للعدوان التركي على أراضينا». وفي هذا السياق، يؤكد مصدر كردي، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الانسحاب شمل الوحدات العسكرية فقط، مع بقاء الأسايش ومؤسسات الإدارة الذاتية»، ويشير إلى أنهم حصلوا على «وعود من موسكو للعب دور إيجابي في إطلاق حوار قريب مع الحكومة السورية يؤدي إلى اتفاق سياسي وعسكري»، لافتاً إلى أن «قسد أبدت مرونة لجهة طرح تجربة الإدارة الذاتية للنقاش وصولاً إلى صيغة تفاهم مرضية للطرفين».
بالتزامن مع هذا الانسحاب، يُتوّقع أن تنتشر وحدات حرس الحدود في الجيش السوري في أكثر من 11 نقطة وموقعاً على امتداد الشريط الحدودي، في كامل المناطق التي انسحبت منها القوات الكردية تطبيقاً لـ«سوتشي». ومن المتوقع أيضاً أن يبدأ الجيش الانتشار من الدرباسية وعامودا وصولاً إلى المالكية واليعربية على الحدود السورية ــــ العراقية، لتحصينها من أي هجمات تركية. كذلك، استكمل الجيش السوري انتشاره أمس في الريف الرابط بين تل تمر ورأس العين، ووصل إلى الحدود السورية ــــ التركية لأوّل مرة منذ سبع سنوات بعد دخول قرية تل ذياب على طريق رأس العين ــــ الدرباسية. ويَمنعُ وصول الجيش إلى قرية تل ذياب (20 كلم شرق رأس العين) تقدّم فصائل «الجيش الوطني» باتجاه الدرباسية وعامودا ومدن الشمال، كما يعيد بذلك الجيش السوري سيطرته على مناطق واسعة من ريف الحسكة.
تحركات الجيش قوبلت بهجمات للفصائل المدعومة من أنقرة على قرى الأميرط والدردارة بريف تل تمر الشمالي، وأم عشبة وباب الخير ومحيط أبو رأسين في ريف رأس العين الجنوبي الشرقي. وفي هذا السياق، قال مصدر ميداني سوري لـ«الأخبار»، إن «الجانب التركي ينتهك اتفاق سوتشي ويشن هجمات على مواقع الجيش لإعاقة انتشاره في المنطقة»، مؤكداً «صدّ الجيش كامل الهجمات ودحر المهاجمين»، وكاشفاً أنه «سيستكمل انتشاره على الشريط الحدودي مع تركيا خلال مدة قصيرة»، كما رأى أن «الانتشار هو في إطار حق الجيش السوري بإعادة السيادة على كامل أراضي البلاد وحمايتها من أي احتلال أو عدوان».