مع وصول رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الى واشنطن، ارتفع منسوب التشاؤم حول إمكانية التوصل الى صيغة اتفاق للاقتراح الاميركي المرتقب، الذي يعدّ له جون كيري، وهو ما يمكن تلمّسه في الاجواء التي نقلها مسؤولون إسرائيليون عن الخيارات والسيناريوات التي يجري التداول بها لمرحلة ما بعد فشل المساعي الاميركية في انتزاع موافقة إسرائيلية وفلسطينية على اتفاق الإطار المفترض. كذلك برز ذلك في استبعاد مصادر مكتب رئاسة الحكومة الاسرائيلية حصول ضغوط أميركية كبيرة على نتنياهو.
وربطت إذاعة الجيش الاسرائيلي بين مفاعيل الحدث الاوكراني على جدول أعمال زيارة نتنياهو، لجهة أنه لن يكون لدى الرئيس الاميركي باراك أوباما «الوقت الكافي والمصلحة والقوة» التي تمكّنه من الضغط على نتنياهو بخصوص التسوية مع الفلسطينيين. وأضافت أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيتسبّب في نهاية المطاف بفشل «وثيقة الإطار» التي يعمل كيري على بلورتها. ولفتت الإذاعة أيضاً الى أن البيت الابيض يدرس احتمال عرض اتفاق الاطار حتى بدون موافقة الطرفين عليه، نظراً إلى أن واشنطن لا تملك أي خطة بديلة في حال تعثر المفاوضات.
في السياق نفسه، ذكرت صحيفة «معاريف» أنهم في البيت الأبيض يتخبطون بشأن ما إذا كان سيجري تقديم ورقة الاطار الاميركي، التي يفترض أن تتناول كافة القضايا الجوهرية في النزاع الاسرائيلي الفلسطيني. وبحسب مصادر أميركية، فإن هذه المسألة هي موضع خلاف فعلي داخل البيت الابيض حيث يصرّ كيري على أن يقدم ورقته قبل الـ28 من الشهر الجاري، موعد تحرير الدفعة الرابعة من المعتقلين الفلسطينيين التي يفترض أن تتضمن أيضاً أسرى من فلسطينيي الـ48. لكن المشكلة بالنسبة إلى الادارة الأميركية أنه لا يوجد لديها خطة ب في حال تم رفض الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني للورقة الاميركية.
وفي ضوء حالة التشاؤم التي تسيطر على تقديرات المسؤولين الاميركيين، بعد سلسلة الاتصالات واللقاءات مع الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني، يسود خلاف بين البيت الابيض ووزارة الخارجية حول المسار الذي ينبغي اتباعه. وفي ضوء ذلك يُعدّ العديد من السيناريوات والخيارات، تناولتها صحيفة «هآرتس» وفق الآتي: الاول، الاستمرار في محاولات تقليص الفجوات قدر الامكان بين الطرفين وبلورة وثيقة إطار يمكن نتنياهو وعباس أن يواصلا المفاوضات على أساسها حتى نهاية العام الجاري، وإذا تم التوصل الى الاتفاق على الوثيقة، يعقد الاميركيون قمة أولى بمشاركة إسرائيل والسلطة الفلسطينية. والثاني، أن يتم التخلي عن بلورة وثيقة إطار مكتوبة والاكتفاء ببيان شفهي وعام ومرن يحتمل عدة أوجه، يفضي الى إطالة أمد المفاوضات حتى نهاية العام الجاري. والثالث، أن يتم التخلي عن جهود التوصل الى اتفاق بين الجانبين، وطرح وثيقة أميركية تتضمن الخطوط الأساسية للتسوية وفرضها على الجانبين، بحيث يتعيّن عليهما الرد عليها بالقبول أو الرفض. وبموجب هذا الاقتراح، فإنه في حال عدم موافقة أحدهما يُترك الملف عالقاً الى حين قبول الطرفين. لكن «هآرتس» تؤكد أنه حتى الآن لا يوجد لهذا السيناريو أغلبية مؤيدة في النقاشات الداخلية في الادارة الاميركية، غير أنه في حال استمر الطريق المسدود واقتربت نهاية شهر آذار، فمن المحتمل أن يزداد عدد المؤيدين لهذا المسار.
في السياق نفسه، تحضر مشكلة الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين. وبحسب «معاريف»، أوضح نتنياهو للبيت الابيض أنه لن يستطيع إمرار قرار بهذه الدفعة في الحكومة، ولا حتى أمام الجمهور، إلا إذا كانت جزءاً من إطار واسع يشمل الاعتراف بإسرائيل «دولة يهودية» على سبيل المثال، والموافقة على الترتيبات الامنية على نهر الاردن. وفي هذا الإطار أوضح نتنياهو لكيري «إذا أنا حررت عرباً إسرائيليين من أجل استمرار في المفاوضات لمدة شهر، وبعدها يبدأ أبو مازن بحملة دولية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة، فإن هذا الامر ببساطة لا يساوي شيئاً». في المقابل، أوضح أبو مازن أنه في حال لم يُطلق سراح فلسطينيي الـ48، يكون بعد انتهاء الاشهر التسعة قد تحرر من التزامه بالمحادثات، وسيتوجه الى الامم المتحدة من أجل نيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
ولمّحت إذاعة الجيش الاسرائيلي الى إمكانية تنصّل إسرائيل من استحقاق الدفعة الرابعة من الأسرى كلياً أو جزئياً. وأضافت أن تأخر طرح «اتفاق الإطار» ستكون له انعكاسات على إطلاق تلك الدفعة. رغم ذلك، عادت الاذاعة وأوضحت أن «كل هذه الأسئلة ستبقى مفتوحة، وعلى الأرجح لن تجد لها أجوبة في اللقاء الحالي بين نتنياهو وأوباما».