يبدو قرار ترشيح الغنوشي للمنصب سابقاً للانتخابات، ويعود ذلك إلى عدد من الأسباب
ويبدو قرار ترشيح الغنوشي للمنصب سابقاً للانتخابات، ويعود ذلك إلى عدد من الأسباب. منذ عودته إلى تونس، بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي، لم يلعب الغنوشي أيّ دور في البرلمان أو السلطة التنفيذية، واكتفى بقيادة «النهضة». لكن في الانتخابات الأخيرة أعلن الرجل (78 عاماً) ترشّحه في خطوة لم يُعلن حينها عن أسبابها، فيما رُبط الأمر بخروجه من قيادة الحركة، التي يمنع قانونها الداخلي (عجز هو والمقربون منه عن تغييره في المؤتمر الأخير) ترشّحه مرة أخرى لرئاستها. تسعى الحركة إذاً إلى تكريم رئيسها بمنحه منصباً شرفياً داخل الدولة، لكن الأمر رهن قدرتها على عقد تحالفات تسمح بذلك. حتى الآن، لم تنجح «النهضة» في إقناع كتل رئيسة بالتحالف معها، خصوصاً كتلتي حزب «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب» المحسوبتين على «تيار الثورة». ويطالب «التيار الديمقراطي» بتعيين رئيس حكومة مستقل ومنحه وزارات العدل والداخلية والإصلاح الإداري، في حين تقترح «حركة الشعب» تشكيل ما تسمّيه «حكومة الرئيس»، أي منح رئيس الجمهورية صلاحية (غير دستورية) تعيين رئيس لحكومة تشارك فيها الأحزاب. عملياً، لا يمكن لـ«النهضة» تشكيل حكومة من دون الكتلتين المذكورتين، إلّا في حال تحالفت مع حزب «قلب تونس» الذي يرأسه المرشح الرئاسي السابق، نبيل القروي. تستبعد الحركة هذا الخيار، لأنها تعهّدت خلال حملتها الانتخابية بعدم التحالف مع القروي، فيما يشترط الأخيرة تعيين رئيس حكومة مستقلّ و«مناقشة المسارَين البرلماني والحكومي بما يضمن التوازن السياسي، ويبعد كلّ أشكال الهيمنة والتغول»، وفق ما جاء أمس في بيان لحزبه.
بناء على كلّ ذلك، تقول مصادر داخل «النهضة» إنّه سيتم السعي لاستعمال ورقة ترشيح الغنوشي لرئاسة البرلمان للوصول إلى صفقة ترضي جميع الأطراف. وتقوم الصفقة المبتغاة على التصويت لصالح الغنوشي حتى يتولّى المنصب (سيتمّ الاقتراع غداً الأربعاء)، في مقابل التوافق على اسم شخصية وفاقية لترأس الحكومة. لكن حتى في حال تمّ الاتفاق على اسم رئيس الحكومة، فإن ذلك سيمثّل نصف حلّ فقط، إذ سيكون على الأحزاب التوافق حول تقسيم الوزارات. مبدئياً، ستسعى «النهضة» لنيل حصّة وافرة من الحقائب، مع ابتعادها عن وزارتَي الدفاع والداخلية الحساستين. وفي المقابل، سيسعى «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب» إلى تحجيم «النهضة» ونفوذها. أمّا رئيس الحكومة الحالي، يوسف الشاهد، فيبدو أنه يعمل على تولّي حقيبة الخارجية، حيث تقرّب أخيراً من رئيس الجمهورية الجديد، قيس سعيّد، وصار عملياً مبعوثاً خاصاً له، بعدما أرسله إلى الجزائر لتجهيز زيارة رئاسية، وكلّفه أمس بزيارة فرنسا وإيطاليا لإيصال رسائل إلى رئيسَيهما.