الحسكة | لا تتوقف الخروقات في محيط بلدة تمر في ريف الحسكة الشمالي الغربي والطريق الدولي المحاذي، على رغم كلّ ما يحكى عن الاتفاق بين روسيا وتركيا حول التهدئة هناك. مع ذلك، لا يعدو ما يجري ميدانياً كونه ضغوطاً تمارسها أنقرة في سبيل تحسين شروط التفاوض وفرض الانسحاب الكامل على «قسد»، والذي لا يزال نقطة الخلاف الأهم التي تحول دون إعلان الاتفاق والبدء بتطبيقه.لم يحلّ الهدوء بعد في المنطقة الخاضعة للهدنة الروسية - التركية على طريق «الحسكة - حلب» الدولي، وفي بلدة تل تمر في ريف الحسكة الشمالي الغربي، إذ سُجّل أمس بعض الخروقات الميدانية في ريف تل تمر الشمالي، وأجزاء من الطريق الدولي في ريف الرقة الشمالي، من دون طروء أيّ تغيير ميداني حقيقي. وينصّ اتفاق وقف إطلاق النار، الذي لا تزال تحول خلافات دون تطبيقه، على قيام «قسد» بسحب قواتها من الطريق الدولي «M4»، ومن كامل بلدة تل تمر ومحيطها وتسليمها للجيش السوري، مقابل انسحاب مماثل لفصائل «الجيش الوطني» المدعومة من أنقرة باتجاه ريف رأس العين وشمالي الطريق الدولي. وتُعدّ خروقات يوم أمس هي الأعنف، حيث شنّت فصائل «الجيش الوطني» هجمات متزامنة على مواقع «قسد» في قريتَي الداوودية والعريشة في ريف تل تمر، والشركراك وقرنفل في ريف الرقة الشمالي. وتهدف هذه الهجمات إلى تصعيد الضغوط على «قسد» لحملها على الانسحاب من تلك المناطق، فضلاً عن سعي أنقرة إلى تمرير رسائل ميدانية عن جدّيتها في استئناف عملية «نبع السلام»، في حال عدم التزام «قسد» و«الأسايش» بالخروج من كامل منطقة الـ30 كلم على الشريط الحدودي الشمالي لسوريا. وفي المقابل، ردّت «قسد» على الهجوم المدعوم من تركيا بقصف تجمّعات القوات التركية براجمات الصواريخ التي نصبتها بالقرب من نقاط الجيش السوري، لتردّ المدفعية التركية على مصادر النيران بالمثل، متسبّبةً في استشهاد 4 عناصر من الجيش السوري. وبحسب مصادر ميدانية، فهذه «ليست المرة الأولى التي تقوم فيها قوات قسد باستغلال مناطق انتشار الجيش لإطلاق الصواريخ، ما يؤدي إلى قصف تركي على الجيش».
عُقد أمس اجتماع روسي - سوري في تل تمر لبحث آلية انتشار الجيش السوري على الطريق الدولي


ويسعى جانبا الاتفاق، موسكو وأنقرة، إلى جعل بلدة تل تمر نموذجاً عسكرياً وإدارياً مقبولاً لتلك المناطق لتجنيبها القتال، من خلال إخلائها من كامل المظاهر المسلحة، ونشر القوات الحكومية على مداخلها. وفي هذا السياق، شهد الأسبوع الجاري سلسلة اجتماعات روسية - تركية في بلدة الشركراك في ريف الرقة لإنجاز تفاصيل الاتفاق. ووفقاً لمصادر مطلعة على أجواء الاجتماعات تحدثت إلى «الأخبار»، فإن «الجانب التركي يصرّ على انسحاب قسد والأسايش وإزالة كلّ الرايات والأعلام من بلدة تل تمر والطريق الدولي، مع القبول بتسليمها إلى الجيش السوري». وتضيف المصادر أن «الأكراد يصرّون في المقابل على بقاء الأسايش في القامشلي، والاحتفاظ بنقاط تفتيش على الطريق الدولي». وتلفت إلى أن «تعثر الاتفاق دفع بوزير الخارجية التركي، أحمد تشاوش أوغلو، إلى التلويح بإمكان استئناف العمليات العسكرية ضد قسد»، مع «توجيه اتهامات لروسيا وأميركا بعدم تطبيق الاتفاقات»، بينما سجّل وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، موقفاً أقلّ حدّة، من خلال تأكيده «وجود خلافات مع روسيا، (لكن) تجري معالجتها». وتسعى القوى الكردية إلى استغلال الطبيعة الديموغرافية لمنطقة تل تمر، حيث الغالبية من الآشوريين الذين تعرّضوا للتهجير على يد «داعش» خلال هجومه على قرى الخابور في العام 2014، في الضغط على الجانب الروسي لنيل موافقته على إبقاء قوات «الأسايش» في المنطقة لـ«حفظ الأمن والاستقرار» فيها. لكن إحجام موسكو عن تثبيت نقطة عسكرية لها في بلدة تل تمر يُنظر إليه على أنه محاولة للضغط على الأكراد للقبول بالانسحاب من تل تمر والطريق الدولي، لحماية سكان البلدة ومحيطها، ونزع الذرائع التركية للهجوم عليها. في المقابل، يُتوقع أن تشهد جبهتا تل تمر وعين عيسى تصعيداً ميدانياً من قِبَل الجانب التركي خلال الأيام المقبلة، في محاولة أخيرة لإجبار «قسد» على الانسحاب من تل تمر، وهو ما يدلّ عليه حجم التعزيزات العسكرية التي تنقلها أنقرة إلى الجبهتين لتطبيق الاتفاق بالنار على ما يبدو.
في هذا الوقت، عُقد أمس اجتماع روسي - سوري في بلدة تل تمر، لبحث آلية انتشار الجيش السوري على الطريق الدولي. وبحسب مصادر ميدانية، فإن «الجيش سينتشر على بعد 1 كلم جنوبي الطريق الدولي، مع انسحاب مسلّحي الجيش الوطني من كامل نقاطهم هناك». وأوضحت المصادر أن «الطريق لن يشهد انتشاراً لأيّ جهة، مع إسناد مهمة حمايته للجيش السوري، من خلال نشر مخافر ونقاط حماية بمحاذاة الطريق بمسافة تراوح بين 500 متر و1 كلم جنوبيه». وأضافت أن «الانتشار في المخافر سيكون على امتداد الطريق من منبج حتى تل تمر»، متابعة أن «الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا ستحتفظ بنقاط وجود لها على بعد 4 إلى 6 كلم شمالي الطريق الدولي». ووصفت هذا الاتفاق بـ«المرحلي»، مشيرة إلى أن «الجيش سينتشر على كامل الطريق لتأمينه، بعد إنجاز الاتفاق الخاص بتل تمر».