القاهرة | «لا يمكن أن أدير ظهري عندما أشاهد الغالبية العظمى تطالبني بالترشح للرئاسة». عبارة هي الأكثر وضوحا في شأن موقف وزير الدفاع المصري المشير عبد الفتاح السيسي من خوض الانتخابات الرئاسية التي باتت أجواؤها تخيم على سماء القاهرة في حين علمت «الأخبار» أنه حسم موقفه وسيعلن ترشحه في منتص الشهر الحالي.
وفي وقت ترددت فيه أنباء شبه أكيدة عن عزم المشير السيسي خوض ماراثون الانتخابات الرئاسية، علمت «الأخبار» أن من المرجّح أن يعلن السيسي ترشحه للرئاسة في منتصف الشهر الجاري رسمياً، وأنه يُعدّ خطاباًَ سيلقيه يوم إعلان الترشح، أصرّ على صياغته بنفسه، ينقسم إلى جزءين: الاول سيتوجه فيه بالحديث إلى القوات المسلحة وتوصياته لهم قبل أن يغادر منصبه كوزير للدفاع، والجزء الثاني من الخطاب سيكون موجه إلى الشعب المصري.
وكان السيسي قال في خطاب ألقاه أمس في الكلية الحربية على هامش حفل انتهاء فترة الإعداد العسكري والتدريب الأساسي لطلبة الكليات والمعاهد العسكرية، أنه سيترك «الأيام المقبلة لتشهد الإجراءات الرسمية» من أجل ترشحه.
احد القادة العسكريين المقربين من السيسي، وفي حديث لـ «الأخبار» حلل فيه خطاب المشير، أوضح أن «نفس اللعبة السياسية التي نفذها رئيس جهاز الاستخبارات العامة السابق عمر سليمان، أثناء إعلانه قرار خوضه الانتخابات الرئاسية بعد إطاحة نظام حسني مبارك، ينفذها حالياً المشير السيسي».
ولفت المصدر إلى أن «المقصود من كلام السيسي هو استمرار ترقبه لأجواء الرأي العام، الذي سيحدد موقفه النهائي للترشح على منصب الرئيس، بجانب أنه ملتزم امام المصريين تنفيذ مطالبهم في حماية مصر بغض النظر عن موقعه في وزارة الدفاع، أو بديوان عام الرئاسة، لأن الدستور المصري الجديد أقرّ دور القوات المسلحة في الحفاظ على مصر أرضاً وشعباً مهما كانت الملابسات والظروف».
وشدد على أن «السيسي لا يسعى إلى منصب الرئاسة، لكنه ينظر اليه بمسؤولية ويتعامل كأنه قاب قوسين او ادنى من الفشل إذا أخفق في تلبية مطالب المصريين، لكنه يعي تماما حجم المؤامرات التي تحاك ضد مصر، والتي للأسف تنفذ على أيدي مصريين من اصحاب المصالح الخارجية وحاملي الاجندات المختلفة». ولفت المصدر إلى أنه بناء على ذلك فإن «السيسي يرهن خوضه ماراثون الرئاسة وفق اتجاه الرأي العام المصري، لأن إرادة الشعب هي القاعدة الوحيدة التي تحرك خيوط الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط».
وأشار المصدر إلى أن «السيسي يضع مصلحة البلاد في المقام الأول، وبناءً عليه فقد نفاجأ بشخصية أخرى تخوض الانتخابات الرئاسية، لكنها شخصية ملمة بأوضاع الأمن القومي لمصر في ظل حالة التوتر التي تشهدها البلاد».
وتابع إن «السيسي شدد على أن مصر تمر بظروف صعبة، تتطلب تكاتف الشعب والجيش والشرطة لأن أي شخص لا يستطيع وحده أن ينهض بالبلاد في مثل هذه الظروف».
مصادر قريبة من المشير أكدت لـ «الأخبار» أن السيسي «يؤمن أن مصر تمر كباقي البلاد العربية بمخطط تفتيت وفق الخطة الأميركية المرسومة لإعادة ترسيم حدود دول الربيع العربي».
وكشفت المصادر أن «الاجهزة السيادية رصدت بعض الشخصيات التي اتفقت مع الولايات المتحدة الأميركية على خوض هذه الانتخابات التي ستحدد مصير مصر والمصريين خلال السنوات المقبلة، وأن هناك بعض الشخصيات لم تعلن نفسها بعد، وأن الدعم اللوجسيتي والمادي والتصويتي سيتجه لهذه الشخصية التي تدعمها واشنطن وجماعة الإخوان المسلمين المحظورة».
وكان السيسي قد أكد خلال الاحتفالية التي حضرها رئيس الأركان الفريق صدقي صبحي وقادة الأفرع الرئيسية وكبار قادة القوات المسلحة والملحقون العسكريون المعتمدون في مصر لعدد من الدول العربية، وعدد من رجال الدولة ورؤساء وطلبة الجامعات واسر الطلبة المتخرجون، أن «بناء الأجيال الجديدة القادرة على تحمل المسؤولية من الأهداف الرئيسية التي تحرص القوات المسلحة على تحقيقها، مع توفير كافة الإمكانات وفقاً لنظم التسليح الحديثة». جدير بالذكر أن السيسي أكد أنه يعمل حالياً في اطار وظيفتة الحالية كوزير للدفاع، وهناك العديد من الإجراءات والالتزامات التي يجب الانتهاء منها في ظل الظروف والتحديات الصعبة التي تمر بها مصر حالياً.
ولفت المشير إلى «جود مسؤوليات وقيم ومبادئ يتحتم الحفاظ عليها لاي انسان في موضع مسؤولية عند الاعلان عن الترشح لهذه المهمة، لكن الامر يختلف بالنسبة إلى اي مواطن آخر لا يشغل منصبا رسميا، إذ له من الحرية ليتصرف كما يشاء». وأضاف أن «الأيام المقبلة ستشهد انهاء الاجراءات المطلوب تنفيذها على نحو رسمي في هذا الاطار».
كذلك حذر السيسي من جهة أخرى، من تحول الخلاف السياسي إلى خلاف ديني، وقال مختتماً: «اطالب البعض بمراجعة مواقفهم وادراك ما يحيط بمنطقتنا من مخاطر وتهديدات وتوحيد الجهود لإبعاد اي خطر يواجه مصر وأمنها القومي، وذلك لوجود مسؤولية مشتركة من الجميع لمواجهة التحديات الراهنة».