بغداد | مع دخول الحراك المطلبي في العراق شهره الثالث، يواصل قادة العملية السياسية محاولتهم احتواء الأزمة عبر تصدير حزم إصلاحية، توازياً مع السعي إلى إجراء تعديل وزاري يرى رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، و«صقور» الكتل والتحالفات أنه قد يكون له وقع إيجابي على الشارع، وخصوصاً أنه ربما يترافق مع إحالة ملفات الوزراء الفاسدين والمقصّرين وحاشياتهم إلى القضاء. في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بعث عبد المهدي إلى مجلس النواب بأول قائمة تتضمن تغيير 3 وزراء وهم: وزراء الاتصالات والصناعة والهجرة والمهجرين، غير أن تلك القائمة جوبهت بالرفض لأسباب عدة، أبرزها «غياب القناعة باقتصار التغيير على هؤلاء» دون سواهم. في أعقاب ذلك، عقدت القوى السياسية نحو 5 اجتماعات متفرّقة في منزلَي رئيس «تحالف الفتح» هادي العامري، وزعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم، تمخّضت عن التوقيع على «وثيقة الشرف السياسي»، والتي ضمّت أكثر من 20 بنداً، أبرزها منح عبد المهدي مدة زمنية لتنفيذ إصلاحاته، وإجراء تعديل وزاري يطاول أكثر من 10 وزراء. وبحسب مصادر حكومية، تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن عبد المهدي يسعى إلى تغيير 14 وزيراً ضمن أولى حملاته في «تصحيح النظام السياسي المتفق عليه في وثيقة الشرف، وتلبيةً لمطالب المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف (آية الله علي السيستاني)». وأوضحت المصادر أن الوزراء المشمولين بالتعديل المرتقب هم:1- وزير الصناعة صالح الجبوري
2- وزير الاتصالات نعيم الربيعي
3- وزير الكهرباء لؤي الخطيب
4- وزير النقل والمواصلات عبد الله لعيبي
5- وزير الزراعة صالح الحسني
6- وزير الشباب والرياضة أحمد رياض العبيدي
7- وزير التجارة محمد هاشم العاني
8- وزير الهجرة والمهجرين نوفل بهاء موسى
9- وزيرة التربية سها العلي بك
وفيما تدفع بعض الكتل السياسية في اتجاه جعل 3 وزارات سيادية (يتردّد أنها الداخلية والدفاع والنفط) مشمولةً بالتعديل الوزاري، تسعى القوى الكردية إلى استثناء وزرائها من التغيير، وفق ما يفيد به «الأخبار» نائب عن تلك القوى، رفض الكشف عن اسمه. ويقول النائب إن «رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان برزاني، بحث مع عبد المهدي التعديل الوزاري، مبدياً دعم الإقليم لإجراءات بغداد في مكافحة الفساد ومحاسبة الوزراء المقصرين»، مضيفاً إن «برزاني شدّد على ضرورة عدم شمول الوزراء الكرد بالتغيير الوزاري، وقد أقنع الحاضرين بضرورة عدم تبديل وزير المال فؤاد حسين، ووزير الإسكان والإعمار بنكين ريكاني»، وهما مرشحان عن «الحزب الديموقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود برزاني.
تسعى القوى الكردية إلى استثناء وزرائها من التغيير الوزاري المرتقب


على خطّ موازِ، تتواصل مساعي بعض الكتل السياسية إلى التوطئة لإقالة عبد المهدي. وفي هذا الإطار، سلّم 119 نائباً، رئاسة مجلس النواب، طلباً يتعلّق بحجب الثقة عن رئيس الحكومة، الأمر الذي يتعارض مع الدستور الذي لم يَرِد فيه موضوع حجب الثقة إلا إذا سُبق باستجواب. إذ تنصّ المادة 61 من الدستور (الفقرة ثامناً – البند 2) على أن لـ«مجلس النواب، بناءً على طلب خُمس أعضائه، سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، ولا يجوز أن يُقدَّم هذا الطلب إلا بعد استجواب موجّه إلى رئيس مجلس الوزراء». ووفق الأنباء الواردة من البرلمان، فإن النائبين صباح الساعدي عن «تحالف سائرون» (المدعوم من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر)، وعدنان الزرفي عن «ائتلاف النصر» (بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي)، سيتناوبان على استجواب عبد المهدي إذا حدّدت رئاسة البرلمان موعداً للمساءلة، التي ستطاول، في الـ 15 من كانون الأول/ ديسمبر المقبل، وزير النفط ثامر الغضبان، بعد تشخيص عمليات فساد وهدر للمال العام في أروقة وزارته. إلى الآن، لا يبدو أن جهود إقالة عبد المهدي ستؤتي ثمارها، إلا أنها ستفتح ــــ فيما لو نجحت ــــ الباب على تعقيد جديد في مسار الأزمة، وتزخيم المطالبات بتأليف حكومة انتقالية، وهو ما لا ترضاه غالبية «القوى الشيعية والكردية».