عادت السخونة إلى جبهة عين عيسى في ريف الرقة الشمالي. جولة جديدة من القصف والمعارك بعد ثلاثة أيام من الهدوء النسبي الذي ترافق مع مباحثات روسية ــــ تركية، لإنجاز التسوية المتعثرة حول الطريق الدولي «حلب ــــ الحسكة». يجري ذلك بالتزامن مع أخذ وردّ بين تركيا وفرنسا، فيما لا تزال اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف معلّقة في انتظار توافق على جدول أعمال لا يبدو أنه سيتم.بعد أنباء عن تعثّر الوصول إلى اتفاق مع الجانب الروسي بخصوص استمرار وجود «قسد» على الطريق الدولي، طاول القصف المدفعي التركي، أمس، قرى هوشان ودبس غربي عين عيسى، ولقلق ومبعوجة في ريف تل أبيض الجنوبي. وترافق القصف مع هجمات محدودة لـ«الجيش الوطني» المدعوم من أنقرة على قرى وبلدات في الجهتين الشمالية والغربية من عين عيسى، في إطار الضغط لاستعجال توافق يقضي بانسحاب القوات الكردية من كامل الطريق الدولي (M4). ودفع التصعيد التركي، العسكريين الروس، إلى إجراء مباحثات مع مسؤولين عسكريين أتراك في بلدة عالية في ريف تل تمر الغربي لإنجاز تسوية توافقية في تلك المنطقة. وتزامن ذلك مع إعلان القوات المسلحة التركية عن اتصال جرى بين رئيس هيئة الأركان العامة التركية يشار غولر، ونظيره الروسي فاليري غيراسيموف، «لبحث مستجدات الملف السوري».
أعرب ماكرون عن أمله بأن يناقش زعماء «الناتو» خلال قمّتهم في لندن التدخل التركي في سوريا


وبحسب مصادر مطلعة على مسار المحادثات، تحدثت إلى «الأخبار»، فإن «الطرفين اتفقا على متابعة نشر الجيش السوري بمحاذاة الطريق الدولي للجهة الغربية من تل تمر والشرقية من عين عيسى، مع انسحاب تدريجي لقسد من تلك المناطق». وبعد انتهاء الاجتماع، وسّع الجيش السوري الموجود في عين عيسى من انتشاره انطلاقاً من المدينة نفسها باتجاه صوامع حبوب الشركراك شمال شرق عين عيسى، وبات على بعد مسافة تقلّ عن 1 كلم عنها. وتزامن تحرك الجيش مع تحرك مماثل لوحداته في ريف تل تمر الغربي، حيث دخلت قواته إلى قرى الكوزلية وأم الخير وتل اللبن، على امتداد الطريق الدولي. وعلى رغم ظهور مؤشرات إلى بدء تطبيق الاتفاق الذي يخصّ الطريق الدولي، إلا أن «المرصد السوري» المعارض تحدث عن قصف متبادل تركي ــــ روسي في محيط عين عيسى، من دون ورود معلومات عن خسائر، ما يمكن أن يكون مؤشراً إلى عراقيل اعترضت الاتفاق. وتلا القصف تصدّي الجيش السوري لهجمات للفصائل المسلحة الموالية لأنقرة على مواقع انتشاره في قرية تل اللبن، بمحاذاة الطريق الدولي، غرب ناحية تل تمر. كما أعلن الجيش إسقاطه طائرة مسيّرة تركية صغيرة في قرية حامو في ريف القامشلي. وفي المقابل، قتل جنديان تركيان إثر سقوط قذيفة هاون على موقعهما على الحدود السورية، بحسب ما أعلنت وزارة الدفاع التركية أمس. وقالت الوزارة، نقلاً عن الجيش، في بيان: «استشهد اثنان من رفاقنا بهجوم بالهاون» في بلدة أقجة قلعة في محافظة شانلي أورفا أول من أمس الأربعاء. ولم تحدّد الوزارة ما إذا كان الهجوم انطلق من الأراضي السورية، إلا أنها قالت إن القوات التركية ردّت بإطلاق نيران مدفعية كثيف.
على صعيد متصل، أعرب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن أمله بأن يناقش زعماء «الناتو»، خلال قمتهم في لندن في الـ 3 والـ 4 من الشهر المقبل، التدخل التركي في سوريا، واصفاً إيّاه بالمهدّد لعمليات «التحالف الدولي» ضد «داعش». وقال ماكرون في مؤتمر صحافي: «أن يعلن طرف تمسكه بالدفاع الجماعي ليس كافياً، فالمطلوب هو أفعال وقرارات وليس أقوالاً». كذلك، أشار، في كلمة نشرها موقع «الإليزيه»، إلى أن «التدخل العسكري الذي قامت به تركيا في شمال شرق سوريا قبل أسابيع طرح أسئلة جدية تتطلب الإجابة». في المقابل، ردّت أنقرة على تصريحات ماكرون، متهمة إياه بـ«حماية الإرهاب» في سوريا. ونقلت وكالة «الأناضول» عن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قوله: «بأيّ حال، هو (ماكرون) حامٍ للمنظمة الإرهابية (قسد)، تتمّ استضافتهم في القصر الرئاسي الفرنسي باستمرار». وتابع انه «ينبغي على ماكرون إدراك أن تركيا حليف في حلف شمالي الأطلسي، وعليه أن يقف بجانب الحلفاء».