لم يجب سيالة ولا حكومته بصفة عامة على سؤال «لماذا الآن؟»
في المقابل، خلّفت مذكرة التفاهم ردود فعل مرحّبة لدى المعسكر المقابل. إذ قال مبعوث حكومة «الوفاق» إلى دول المغرب العربي، جمعة القماطي، في تغريدة على «تويتر»، إن طرابلس «استنجدت عام 1551 بالدولة العثمانية في التحرّر من «فرسان القديس يوحنا»... فأرسلت قوة بحرية». وأضاف القماطي، في محاولته رسم تشابه بين ذلك الحدث التاريخي وبين التوقيع على المذكرة، أنه «بعد اتفاقية أمس، ستصل البارجات التركية بأحدث المنظومات لدعم طرابلس ومن يدافع عنها ضدّ عدوان حفتر ومرتزقته». لكن وزير الخارجية، محمد الطاهر سيالة، تحدث عن المذكرة في مداخلة تلفزيونية بنبرة أكثر دبلوماسية، حيث أوضح أن المذكّرة جاءت «نتيجة مباحثات مطوّلة مع الجانب التركي، تتعلّق بتحديد مجالات الصلاحية البحرية في المتوسط، وتعني حماية الحقوق المشروعة للطرفين في المنطقة الاقتصادية الخالصة لكلّ منهما». ولفت سيالة إلى أن المذكّرة تندرج ضمن «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» (1981)، معتبراً أنها تحمي السيادة الليبية. وأبدى استعداد حكومة «الوفاق» لتوقيع مذكرات مشابهة لتحديد المجال البحري مع الدول التي عبّرت عن قلقها من التفاهم مع تركيا، مذكِّراً بسوابق في هذا الإطار مثل اللجوء إلى محكمة العدل الدولية زمن معمر القذافي لتحديد المجال البحري مع تونس ومالطا.
مع ذلك، لم يجب سيالة ولا حكومته بصفة عامة على سؤال «لماذا الآن؟»، خاصة وأن المذكّرة لا تعود على ليبيا بمصلحة واضحة. وفي هذا الإطار، بيّن الباحث المختص في الشأن الليبي، جلال الحرشاوي، أن تركيا هي مَن طلبت توقيع المذكّرة في خريف عام 2018، لكن حكومة «الوفاق» تمنّعت آنذاك خوفاً من إثارة غضب دول مهمة في الاتحاد الأوروبي. وأشار الحرشاوي إلى أن الدعم التركي لحكومة «الوفاق» تراجع في الشهرين الأخيرين في مقابل ارتفاع الدعم المقدّم لحفتر، ما جعلها يائسة وأخضعها لمطلب أنقرة. الآن، يُفترض أن تُحصّل الحكومة دعما إضافياً من تركيا التي استفادت من توقيع المذكرة بفكّ عزلتها في المتوسط، وتعزيز تأويلها للاتفاقيات الخاصة بالمياه الإقليمية، لكنها أسّست عداوة مع اليونان وقبرص اللتين ستسعيان مستقبلاً إلى عرقلة أيّ قرار داعم لها ضمن مؤسسات الاتحاد الأوروبي، كما يمكن أن تتلقى ردّ فعل سلبياً من الولايات المتحدة التي تدعم محور مصر - اليونان - إسرائيل في شرق المتوسط.