بغداد | في 1 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أعلن تحالف «سائرون» (المدعوم من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر)، بشكل رسمي، تنازله عن «حقّه في تسمية رأس السلطة التنفيذية الجديد»، معتبراً «ساحات التظاهر هي الكتلة الأكبر». موقفٌ أدرجه البعض في إطار محاولات الصدر ركوب موجة التظاهرات، واقتناص فرصة تُمكّنه من الظفر بمكتسبات جديدة، بينما رأى آخرون أن «الصدريين» يريدون رئيس وزراء من رحم التظاهرات، يجري اختياره وفق «استفتاء شعبي»، في مسارٍ يتعارض مع المادة 76 من الدستور، والتي تنصّ على تكليف مرشح الكتلة النيابية «الأكثر عدداً» بالمهمّة خلال 15 يوماً. لكن الدورة البرلمانية الحالية، وهي الرابعة في «عراق ما بعد 2003»، تختلف كثيراً عن سابقاتها؛ إذ إن رئيس الوزراء الذي أنتجته سُمّي بالتوافق بين أطرافها، ولم يخضع لـ«معادلة الكتلة الكبيرة».
ترجّح مصادر سياسية أن يعمد صالح إلى تكليف «تحالف الفتح» بتسمية مرشّح

في هذا الإطار، تقول مصادر سياسية إن «الدستور لم يحدّد شكل الكتلة الكبيرة، بل اكتفى بتسميتها فقط»، مشيرة في حديثها إلى «الأخبار» إلى أن التفسير الوحيد لهذه المفردة هو ما جاءت به المحكمة الاتحادية في عام 2010، عندما سحب زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، البساط من «القائمة العراقية» برئاسة إياد علّاوي، وشكّل حكومة ولايته الثانية، بعد تحالفه مع كتلة «الائتلاف الوطني العراقي». وينص تفسير المحكمة الاتحادية على أن «الكتلة الأكبر هي التي تكوّنت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة دخلت الانتخابات باسم ورقم معينين وحازت العدد الأكثر من المقاعد، أو الكتلة التي تجمّعت من قائمتين أو أكثر من القوائم الانتخابية والتي دخلت الانتخابات بأسماء وأرقام مختلفة، ثم تكتّلت في كتلة واحدة ذات كيان واحد في مجلس النواب». وتلفت المصادر إلى أن «الدورة البرلمانية الحالية تُعاب عليها جدلية غياب الكتلة الأكبر»، وخاصة أن الجلسة الأولى لمجلس النواب لم تتضمّن محاضر «الكتلة الأكثر عدداً»، والتي تشكّلت بعد الانتخابات، لأن اختيار رئيس الوزراء كان بالتوافق، ما يرجّح خيار اللجوء إلى المحكمة الاتحادية مجدداً، أو إجراء جولة اجتماعات بين الكتل لفضّ هذه الجدلية.

«سائرون» يتنازل
وبعدما سلّم «سائرون»، رئيس الجمهورية برهم صالح، كتاباً رسمياً يتعلّق بالتنازل عن حق تسمية رئيس الوزراء، وإيكال المهمة إلى الشعب العراقي بوصفه «الكتلة الأكبر»، ترجّح مصادر سياسية من داخل «تحالف البناء» (ائتلاف نيابي بزعامة هادي العامري ونوري المالكي) أن يعمد صالح إلى تكليف «تحالف الفتح» (تجمّع الكتل الممثلة لـ«الحشد الشعبي») تسمية مرشّح من قِبَله كونه الفائز الثاني بالانتخابات بعد «سائرون». ترجيحٌ تنفيه مصادر أخرى في التحالف عينه، مكتفيةً بالتشديد على المضيّ في «الشروط الثمانية» في اختيار خَلَف عادل عبد المهدي؛ وهي:
1- أن يكون مقبولاً «مرجعياً» وشعبياً
2- حازم وقوي وشجاع
3- مستقل وغير حزبي، وولاؤه مطلقٌ للعراق فقط
4- منسجمٌ مع القوات الأمنية بما فيها «الحشد الشعبي»
5- مؤمنٌ بوحدة العراق وسيادته، ولديه قدرة الإدارة والقيادة، ويلزم نفسه ببرنامج إصلاحي حقيقي يحقق مطالب «المرجعية» والشعب تحت سقوف زمنية محددة
6- من غير المشار إليهم بتهم فساد، أو المشمولين بالمساءلة والعدالة
7- من غير القيادات السياسية الحالية والسابقة
8- من غير ذوي الجنسية المزدوجة
مع ذلك، تكشف مصادر سياسية وبرلمانية لـ«الأخبار» أن حراكاً يجري لإعلان «الكتلة الأكبر» داخل البرلمان، وتقديم طلب بتكليفها تسمية بديل من عبد المهدي. ويقود ذلك الحراكَ كلٌّ من: «الفتح» و«دولة القانون» و«القوى العراقية» برئاسة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، و«تيار الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، فضلاً عن «الحزب الديموقراطي الكردستاني»، وبعض النواب المستقلين.