انتهى اجتماع دول منظمة البلدان المصدِّرة للنفط «أوبك» وشركائها من خارج المجموعة، والذي استمرَّ على مدى يومين في فيينا، إلى الاتفاق على زيادة خفض إنتاجهم النفطيّ بمقدار 500 ألف برميل إضافية يومياً في الربع الأول من عام 2020، تماشياً مع مستويات الإنتاج الأخيرة. إضفاء صبغةٍ رسمية على الخفض المعمول به أصلاً، جاء بضغطٍ من السعودية، بهدف دعم طرح أسهم شركتها النفطية العملاقة «أرامكو»، التي قُدِّرت قيمتها عند عتبة 1.7 تريليون دولار، أولاً؛ وأملاً في أن يؤدّي الاتفاق إلى ارتفاع أسعار النفط لتحقيق نوعٍ من التوازن في موازنتها، ثانياً.أعطى وزير الطاقة السعودي، عبد العزيز بن سلمان، الذي حضر الاجتماع الأول للمنظمة منذ تولّيه منصبه، إشارة واضحة إلى استياء بلاده من عدم التزام عددٍ من الدول المنتجة ببنود الاتفاق مثل العراق ونيجيريا وحتى روسيا. التزامٌ شبّهه وزير المملكة بـ«الدِّين، إن كُنتَ مؤمناً، فعليك أن تمارسه. ومن دون الممارسة، فأنت غير مؤمن»، داعياً السوق والمحلّلين إلى «الوثوق بنا»، لأنهم «إذا لم يفعلوا، لن يكون في مقدورنا تقديم ما نسعى إلى تحقيقه. الأمر بهذه البساطة. وأحياناً يكون بهذه الصعوبة».
توقّع وزير الطاقة السعودي أن يؤدّي الاتفاق الجديد إلى رفع قيمة «أرامكو»


وفي مواجهة انكماش النمو العالمي ووفرة المخزون النفطي وهشاشة الأسعار، قرّرت «أوبك» وشركاؤها، قبل عام، الحدّ من إنتاجها النفطي بمقدار 1.2 مليون برميل في اليوم عن مستوى تشرين الأول/ أكتوبر 2018، وفق اتفاق تنتهي مدته في آذار/ مارس 2020. وعقب اجتماع فيينا، يوم أمس، بات واضحاً أن الخفض الإضافي بـ500 مليون برميل سيرفع الحدّ من الإنتاج إلى 1.7 مليون برميل يومياً للمجموعة التي تضم 24 دولة، اعتباراً من الأول من كانون الثاني/ يناير. بالإضافة إلى ذلك، «ستواصل العديد من الدول المشاركة، وعلى رأسها السعودية، تقدمة مساهمات إضافية»، ما يعني أن إجمالي خفض الإنتاج يمكن أن يصل إلى 2.1 مليون برميل يومياً، وفق وزير الطاقة السعودي، الذي توقَّع أن يؤدّي ذلك إلى رفع قيمة «أرامكو» بما يزيد على تريليونَي دولار. وبموجب الاتفاق الجديد، ستتحمَّل «أوبك» عبء خفض جديد قدره 372 ألف برميل يومياً، ويتحمّل المنتجون المستقلون خفضاً إضافياً بمقدار 131 ألف برميل يومياً. وستواصل المملكة الخفض الطوعي بمقدار 400 ألف برميل يومياً دون المستوى المحدَّد لها، وسيكون سقفها الجديد 9.744 مليون برميل يومياً، وفق ابن سلمان، بينما أكد وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، أن حصة بلاده من الخفض تبقى من دون تغيير عند 228 ألف برميل يومياً.
وبعد أيّام من الشائعات والرسائل المختلطة التي أدّت إلى انخفاض الأسعار، ظهر شكل الاتفاق المعدَّل بين «أوبك» وحلفائها تدريجياً؛ وبات واضحاً أن المجموعة لا تخطِّط لسحب أيّ برميل إضافي من السوق التي ستقرأ الخيار هذا بمثابة مناورة، خصوصاً أنه «لن يؤدي سوى إلى تقليص الفارق بين الهدف ومستوى الإنتاج الحالي» الأدنى في الأساس ممّا حدّدته حصص الإنتاج، وفق محلّلين. بحسب محلّلي مصرف «آي إن جي»، فإن التساؤل الرئيس هو ما إذا كان الخفض البالغ 500 ألف برميل يومياً، حقيقياً، أم أنه مسألة إضفاء السعودية الصبغة الرسمية على مستوى امتثالها الحالي الذي يفوق المطلوب. ويبدو واضحاً، بالنسبة إلى هؤلاء، أنه «إذا تحقّق التصوّر الأخير، فإن السوق ستنتابها خيبة أمل، لأن هذا لن يؤثر كثيراً في محو الفائض خلال الربع الأول». ويتفق محلّلو «جيفريز» مع هذا التقدير، مع الإشارة إلى أن الخفض الإضافي «لن يكون له أثر على السوق ما لم يمتثل العراق ونيجيريا للمستويات المستهدفة لهما»