بغداد | بعدما ساد الظن، خلال الساعات الماضية، أن مرشح هادي العامري - نوري المالكي، محمد شياع السوداني، لرئاسة الوزراء، بات الأوفر حظاً للظفر بمنصب رئيس الوزراء المقبل، عادت أسهم الرجل التي ارتفعت فجأة إلى الهبوط فجأة أيضاً، ليدخل اسمه هو الآخر ضمن الخيارات المطروحة كـ«استهلاك للوقت». هكذا، عاد حديث الرئيس العتيد إلى المربع الأول، في وقت برز فيه، إلى جانب الأسماء السابقة، اسم مصطفى الكاظمي، رئيس جهاز الاستخبارات، كخيار جدّي يمكن أن يحظى بإجماع محلي. بالتوازي مع ذلك، وفي خطوة لافتة، دعا مقتدى الصدر إلى إغلاق مكاتب تياره، والاكتفاء بعدد محدود منها، وسط تكهّنات بإمكانية خروج مناصريه من الشارع.حدّدت «المرجعيّة الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني)، أمس، مهمات الحكومة المقبلة، واضعة أمام الأخيرة خريطة طريق إصلاحية، من شأن المضيّ فيها إثبات «جدية» الرئيس العتيد وفريقه من جهة، والقوى والأحزاب السياسية من جهة ثانية. وفي موقف لافت، شدّدت «المرجعية» على ضرورة «بناء الجيش وسائر القوات المسلحة وفق أسس مهنية رصينة يكون ولاؤها للوطن، وتنهض بالدفاع عنه ضدّ أيّ عدوان خارجي، وتحمي نظامه السياسي المنبعث من إرادة الشعب وفق الأطر الدستورية والقانونية». موقف فُسّر من قِبَل البعض على أنه تعبير عن الامتعاض من أداء بعض المؤسسات الأمنية والعسكرية، بما يمهّد ربما لرسائل أكثر حزماً في اتجاهها. كذلك، دعت «المرجعية»، من بوابة إدانة الأحداث الأمنية كالاغتيال والاختطاف، إلى «إخضاع السلاح، كلّ السلاح، لسلطة الدولة، وعدم السماح بوجود أيّ مجموعة مسلحة خارج نطاقها تحت أيّ اسم أو عنوان». وهي دعوة يفيد مصدر مطلع بأن السيستاني كان قد عرضها خلال لقائه الرئيس الإيراني حسن روحاني في آذار/ مارس الماضي، حيث طالبه بالضغط على الفصائل المحسوبة على طهران، واتخاذ ما يلزم للحيلولة دون تورّطها في الداخل العراقي، مثلما وقع في الـ 6 من كانون الأول/ ديسمبر الجاري.
وإذ دعا بيان «المرجعية» إلى «العمل لتحسين الظروف المعيشية في المناطق المحرّرة، وإعادة إعمارها، وتمكين أهلها النازحين من العودة»، ختم بالتشديد على أن المعركة ضدّ الفساد المستشري، «والتي تأخرت طويلاً» كما قال، «لا تقلّ ضراوةً عن معركة الإرهاب، إن لم تكن أشدّ وأقسى... والشرط الأساس للانتصار فيها اتّباع الأساليب السلمية». وفي هذا الإطار، شجبت «المرجعية» «عمليات القتل والخطف والاعتداء بكلّ أشكاله»، ودعت «الجهات المعنية إلى أن تكون على مستوى المسؤولية، وتكشف عمّن اقترفوا هذه الجرائم... والتحذير من تبعات تكرارها على أمن واستقرار البلد وتأثيرها المباشر على سلمية الاحتجاجات»، منبهة إلى ضرورة أن «يكون القضاء العادل هو المرجع في كلّ ما يقع من جرائم ومخالفات، وعدم جواز إيقاع العقوبة حتى على مستحقيها إلا بالسبل القانونية». وفيما بدا لافتاً عدم تطرّق البيان إلى ملف التكليف الحكومي، فقد اكتفت مصادر سياسية عدة بالقول إن «الأحزاب والقوى السياسية ستعمل تحت سقف المرجعية وبياناتها».
دعا بيان «المرجعية» إلى «العمل لتحسين الظروف المعيشية في المناطق المحرّرة، وإعادة إعمارها»


وفي هذا الملف، علمت «الأخبار» أن كتلتَي «الفتح» (ائتلاف القوى السياسية المؤيدة لـ«الحشد الشعبي») بزعامة هادي العامري، و«ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي تبنّتا رسميّاً ترشيح النائب محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء. وقدّم السوداني، أمس، استقالته من «حزب الدعوة الإسلامية ــــ تنظيم العراق» و«دولة القانون»، معلناً عن «انتمائه الأول للعراق». ووفق مصادر مطّلعة، فإن الرجل ظهر في الساعات الأخيرة على أنه المرشح الأكثر حظّاً للظفر بالمنصب، والتواصل معه أصبح على ذلك الأساس. وتضيف المصادر، في حديثها إلى «الأخبار»، إن لقاءً جمع في الساعات الماضية رئيس الجمهورية، برهم صالح، بالمالكي ونائب رئيس «هيئة الحشد» أبو مهدي المهندس، قدّم فيه الأخيران، السوداني، مرشحاً لرئاسة الوزراء عن «الكتلة الأكبر». لكن صالح طلب منحه المزيد من الوقت لسؤال «المرجعية»، ليأتيه الردّ سريعاً بأن «المرجعية» أعلنت أنها لن تتدخّل في مسألة التكليف.
كذلك، علمت «الأخبار» أن زعيم «تيّار الحكمة»، عمار الحكيم، متحفّظ على ترشيح السوداني، فيما يتبنى زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، موقفاً أكثر حدّة منه. وفي هذا السياق، بدا لافتاً إعلان الصدر تعليق نشاطات صفحة «صالح محمد العراقي»، المتحدث غير الرسمي باسمه، في ما فُسّر على أنه احتجاجٌ على الترشيح، وتحذير لحلفاء طهران من المضيّ في قرارهم «المستفزّ». ووفق المعلومات، فإن عدداً من قوى «المكوّن السني» بزعامة محمد الحلبوسي ستمضي في خيار «الفتح ــــ دولة القانون»، فيما أكّدت قوى «المكوّن الكردي» بدورها المضيّ في خيار «البيت الشيعي»، الذي تشير المعطيات إلى أن طهران هي الأخرى ستساند أي خيار يتم التوافق عليه داخله.