دمشق | يستوحش السائر في أسواق دمشق هذه الأيام. ما إن انتشر خبر المرسوم الرئاسي الذي أقرّ زيادة الرواتب، حتى ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية 100 ليرة، ما ساهم في قتل فرحة المستفيدين من الزيادة التي بلغت 20 ألف ليرة، فُرضت عليها أصلاً ضريبة الدخل والنقابات والتأمينات الاجتماعية لتصبح دون 12 ألفاً فقط. كما ساهم ارتفاع سعر صرف الدولار إلى مستويات استثنائية لامست الألف ليرة في ارتفاع إضافي في الأسعار بحجة البضائع المستوردة. كلّ تلك العوامل تطلّبت حملة رقابية من لجان التموين، لكن معظم المحالّ التجارية أغلقت أبوابها خلال جولة أعضاء اللجان الرقابية، خشية عقوبة المخالفات التي تضمّنت غرامات بأرقام كبيرة، إضافة إلى إقفال المحلّ المخالف بالشمع الأحمر.متطلّبات الحياة المرفّهة أضحت مضاعفة التكاليف. تعوّد المقتدرون مالياً من سكان دمشق على ابتياع مواد استهلاكية عالية الجودة من مصادر محدّدة. ومع ارتفاع الأسعار الأخير، بدت تكاليف حياتهم «خيالية». فمثلاً، سعر الكيلوغرام الواحد من البنّ في أحد المحالّ التي يرتادها الأغنياء أضحى 11 ألف ليرة، بعدما كان قبل ثلاثة أشهر 7 آلاف. تقول ضحى، إحدى مرتادي المحل الشهير: «يختلف سعر البنّ هناك بين يوم وآخر. وكنت أسأل عامل البيع عن السبب، فيجيب: سعر الدولار». ثم أعود لأسأل بسذاجة: «وما شأن الدولار بالبنّ؟!»، فيجيب باستنكار: «البنّ مستورد يا مدام!». لكن بعيداً من رفاهية الحياة في العاصمة، والتي تتفاوت بين عائلة وأُخرى، ثمة مواد استهلاكية ضرورية أُخرى يرتفع سعرها بشكل كبير أيضاً، كالسكّر مثلاً. خلال حملة لجان التموين الأخيرة، أُغلق أحد المحالّ بالشمع الأحمر، وفُرضت عليه غرامة مقدارها 450 ألف ليرة، الأمر الذي ولّد رعباً لدى أصحاب المحالّ التجارية، وجعل الكثير من أسواق العاصمة شبه مضربة عن العمل. يقول أحد جيران المحل المخالف: «كان يزيد على سعر كيلو السكر 200 ليرة عن سعره السابق. هُناك فرق بين تسعيرة الدولة وسعر الصرف، وحين تلزمنا الدولة بتثبيت السعر رغم ارتفاع سعر الصرف، ما بتعود بتوفي معنا... الواحد يقعد بالبيت ولا يشتغل أفضل».
مواطنون يرون أن انحسار الحملة أخيراً كشف عن فشلها في تحقيق أهدافها


وكان من ثمار اليوم الأول للحملة التي بدأت مطلع الأسبوع الفائت إغلاق 157 محلاً تجارياً في دمشق، وتنظيم 512 ضبطاً، في ما يتعلّق بمخالفات البيع بسعر زائد، والتلاعب بالمواصفات، والغشّ في العديد من السلع الغذائية، بعدما بلغ عدد الضبوط خلال الشهر الفائت 900، إضافة إلى 75 حالة إغلاق. وتفاوتت المخالفات بين محافظة وأُخرى، إذ ورد في النشرة الصادرة عن مديرية حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أنه تم إغلاق 29 محلاً تجارياً في محافظة ريف دمشق، وتنظيم 51 ضبطاً وإغلاق 23 محلاً تجارياً في حمص، و70 ضبطاً و3 إغلاقات في اللاذقية. لكنّ مواطنين يرون أن انحسار الحملة أخيراً كشف عن فشلها في تحقيق أهدافها، إذ أن الأسعار عاودت الارتفاع مع فتح المحالّ التجارية مجدداً. وتفضح التطورات الأخيرة ارتفاع معدّلات التضخم في سوريا، حتى وصلت إلى 830% مطلع هذا العام. ويتعلّق التضخم المذكور، وفق المكتب المركزي للإحصاء، بمتوسط أسعار السلع والخدمات، إذ تُقدّر الزيادة اللازمة في الرواتب الحالية لمواكبة الارتفاع في الأسعار بما يقارب 8 أضعاف، وذلك كي تتمكن العائلة السورية من العبور إلى الشهر التالي بأمان اقتصادي.