تتّجه المحكمة الجنائية الدولية إلى فتح تحقيق شامل في «جرائم حرب محتملة» ارتكبتها إسرائيل في حقّ الفلسطينيين، تشمل العدوان على غزة في عام 2014، والشهداء الذين قضوا في مسيرات العودة. خطوةٌ استشاط على إثرها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، غضباً، كونها تمثّل، بحسب ما قال، «يوماً مُظلماً للحقيقة والعدالة».وجاء إعلان المحكمة على لسان المدعية العامة لـ«الجنائية»، التي كان مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، جون بولتون، قد هدّد قضاتها بالقبض عليهم إذا تحرّكوا ضدّ إسرئيل والولايات المتحدة. وفي حيثيات إعلانها، أعربت فاتو بنسودة عن «اقتناعها بأن جرائم حرب ارتُكبت أو تُرتكب في الضفة الغربية بما يشمل القدس الشرقية وقطاع غزة»، معبّرةً عن «ارتياحي إزاء وجود أساس معقول لمواصلة التحقيق في الوضع في فلسطين». ولكن قبل فتح التحقيق، ستَطلب بنسودة من المحكمة، ومقرّها لاهاي، أن تقرّر ما هي الأراضي المشمولة ضمن اختصاصها بسبب «فرادة الوضع القانوني والوقائع المرتبطة بهذه الحالة، والخلافات الشديدة حولها»، نظراً إلى أن إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية» شأنها في ذلك شأن حليفتها الأميركية. وفي هذا السياق، أضافت: «سعيت بشكل خاص للحصول على تأكيد أن الأرض التي يمكن المحكمة ممارسة اختصاصها عليها، والتي يمكنني أن أخضعها للتحقيق، تشمل الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، وغزة»، كما حضَّت القضاة على الفصل باختصاص المحكمة «من دون تأخير غير مبرَّر»، مشيرةً، في الوقت ذاته، إلى أنها لا تحتاج إلى طلب أيّ إذن من القضاة لفتح تحقيق، إذ ثمة إحالة سابقة تقدّمت بها فلسطين بعد انضمامها إلى المحكمة في 2015.
الخطوة التي من شأنها أن تسهم في تقييد حركة الإسرائيليين؛ إذ يمكن لتحقيق شامل أن يقود إلى توجيه اتهامات في حقّ «أفراد»، اعتبر نتنياهو أنها تمثّل «يوماً مظلماً للحقيقة والعدالة»، مكرراً الإشارة إلى أن هذا القرار يجعل من «المحكمة الجنائية الدولية» «أداة سياسية» ضدّ كيان الاحتلال. وقال: «ليس للمحكمة ولاية قضائية في هذه القضية. المحكمة الجنائية الدولية لها سلطة فقط لنظر الالتماسات التي تقدّمها دول ذات سيادة. لكن لا وجود لدولة فلسطينية». وفي الاتجاه نفسه، أعلن المستشار القضائي لحكومة العدو، أفيحاي مندلبليت، أن «الموقف القانوني والمبدئي لدولة إسرائيل، غير العضو في المحكمة، هو أن المحكمة لا تملك صلاحية قضائية بالنسبة إلى إسرائيل، وأي نشاط فلسطيني في المحكمة ليس نافذاً قضائياً». في المقابل، رحّبت وزارة الخارجية في رام الله، في بيان، «بالإعلان كخطوة للمضيّ قدماً نحو فتح التحقيق الجنائي الذي طال انتظاره... بعد ما يقارب خمس سنوات من بدء الدراسة الأولية»، فيما عدّت حركة «حماس»، القرار، «خطوة في الاتجاه الصحيح، تعكس انكشاف طبيعة الاحتلال الإسرائيلي لدى المنظومة الدولية»، بحسب الناطق باسمها فوزي برهوم، الذي أبدى استعداد الحركة «التام لتسهيل مهامّ أيّ لجان منبثقة بالخصوص والتعاون معها ورفدها بكل الوثائق والقرائن والبراهين التي تدل على جرائم الاحتلال وانتهاكاته بحق أبناء شعبنا».