تستمر العمليات العسكرية في ريف إدلب الجنوبي. الجيش السوري تمكّن من توسيع سيطرته في المنطقة في وقت سريع عبر هجمات برية مكثفة وموجات قصف عنيفة، وتوزيع العمليات على أكثر من محور لتشتيت قدرة الفصائل المسلحة على القتال والدفاع. يوم أمس فقط، تمكنت وحدات الجيش من السيطرة على أكثر من عشر قرى وبلدات جديدة بعد معارك عنيفة مع المسلحين. ومن بين القرى التي سيطر عليها: تحتايا، الحراكي، القراطي، وفروان والمعيصرونة وغيرها في ريفي إدلب الجنوبي، والجنوبي الشرقي. مع هذا التوسع، باتت القوات الحكومية على بعد أقل من ثلاثة كلم عن بلدة جرجزناز ذات الأهمية الاستراتيجية، إذ تُعدّ بوابة الدخول إلى منطقة معرّة النعمان المجاورة، على الطريق الدولي M5.العمليات التي يشنها الجيش تهدف عامة إلى السيطرة على M5 الذي يربط مدينتي حماه وحلب، ويمر في محافظة إدلب بمحاذاة المدينة. أما الهدف المرحلي من المعارك الجارية منذ أيام، فهو وفق مصادر عسكرية مطلعة «التقدم باتجاه مدينة معرة النعمان الواقعة على الطريق الدولي، للتمدد على الأوتوستراد قدر الإمكان وتأمينه». تشير المصادر إلى أن «المنطقة التي تجري فيها العمليات ضعيفة من جهة المسلحين، إذ إن هذا المحور لطالما عانى من فشل في إدارة المعارك وتحقيق الإنجازات عندهم، فضلاً عن أن جبهة النصرة لا تشارك بكثافة في الدفاع عنه، وهي تتهاون كما تتهمها فصائل غرفة عمليات الفتح المبين، التي تضم النصرة أصلاً وتتولى زمام المعركة هناك».
وشهدت المنطقة حالة من الانهيار السريع أمام تقدم الجيش الذي بدأه الأسبوع الماضي، إذ استطاع منذ بداية العملية السيطرة على أكثر من 25 قرية وبلدة في الريف الجنوبي لإدلب. وكانت دمشق قد اتخذت قراراً باستعادة السيطرة على M5 بالقوة بعدما فشل الضامن التركي في تعهده بفتح الطريق وإعادته إلى حالته الطبيعية، كما جرى التوافق في سوتشي في أيلول/سبتمبر من العام الماضي. وفي المقابل، لا يبدو الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مستاءً جداً من العملية، بل يعمد إلى استغلالها لممارسة المزيد من الابتزاز للدول الأوروبية، إذ يهدّدهم بموجة لجوء جديدة، مع أن قواته على الحدود تمنع بحزم أي نازح من العبور.
يستغل أردوغان هذه العملية العسكرية لابتزاز الدول الأوروبية


ويبدو أن أردوغان يريد الحصول على التأييد والدعم الأوروبي والدولي لخططه في الشمال السوري، حيث ينوي توطين اللاجئين في ما يسميه «منطقة آمنة»، إضافة إلى استغلال ذلك في أي مفاوضات مع موسكو. وهو قال أمس إن «نحو 80 ألفاً بدؤوا التحرك من إدلب باتجاه تركيا بسبب القصف الروسي والسوري»، مضيفاً خلال حفل توزيع جوائز في إسطنبول، أنه «لا مفرّ من أن تواجه أوروبا ظروفاً مثل أزمة المهاجرين التي شهدتها عام 2015، إذا لم تقدّم يد العون لوقف العنف في هذه المنطقة». كما أشار إلى أن وفداً تركياً سيذهب إلى موسكو لبحث الوضع في سوريا اليوم، وأن أنقرة ستحدّد الخطوات التي ستتخذها بناءً على نتيجة هذه المحادثات.