في زيارة مفاجئة، حطّت طائرتان قادمتان من موسكو، إحداهما للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والثانية لوزير دفاعه سيرغي شويغو، في الأراضي السورية أمس، حيث التقيا الرئيس السوري بشار الأسد في «مقرّ تجميع القوات الروسية» في العاصمة دمشق، وليس في القصر الرئاسي الذي يستقبل فيه الأخير عادة ضيوفه من موفدين ومسؤولين. ونشرت حسابات الرئاسة السورية على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً عدّة، تظهر إحداها الأسد وبوتين وهما يجلسان بين وزيرَي دفاع بلدَيهما، وخلفهما ضباط روس في المقرّ، الذي استمعا فيه إلى «عرض عسكري من قِبَل قائد القوات الروسية العاملة في سوريا».وقام الرئيسان بجولة في دمشق، وفق ما أعلنت الرئاسة السورية، التي أوضحت أن بوتين زار «الجامع الأموي الكبير واطّلع على معالمه، كما زار ضريح النبي يحيى عليه السلام (القديس يوحنا المعمدان)، وسَجّل كلمة في سجل الزوار». كذلك، زار بوتين، برفقة الأسد أيضاً، «الكاتدرائية المريمية للروم الأرثوذكس»، التي تُعدّ من أقدم الكنائس في العاصمة السورية، حيث كان في استقباله بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق يوحنا العاشر يازجي، وفق صور نشرتها الرئاسة. وهنّأ بوتين، القوات الروسية المتمركزة في سوريا، بمناسبة عيد الميلاد الأرثوذكسي الذي صادف الاحتفال به يوم أمس. ونقل الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، عن بوتين قوله «خلال محادثاته مع الأسد، اليوم، يمكن القول بثقة إنه تمّ اجتياز طريق هائل نحو إعادة ترسيخ الدولة السورية ووحدة أراضيها». كما نقل عنه أنه «كان يمكن أن نرى بالعين المجرّدة عودة الحياة بسلام إلى شوارع دمشق». وأضاف إن الأسد أعرب لبوتين «عن امتنانه للمساعدة التي قدّمتها روسيا والجيش الروسي في المعركة ضد الإرهاب ومن أجل عودة السلام إلى سوريا».
عقب ذلك، عقد الرئيسان، بحسب وكالة «سانا»، اجتماعين أحدهما مغلق، بحثا خلالهما «التطورات الأخيرة في المنطقة، وخطط استكمال الجهود المشتركة للقضاء على الإرهاب الذي يهدّد أمن وسلامة المواطنين السوريين في إدلب». وتطرّقت المباحثات إلى «تطورات الأوضاع والإجراءات التي تقوم بها تركيا في شمال شرق سوريا، إضافة إلى سبل دعم المسار السياسي وتهيئة الظروف المناسبة له بما يزيل العقبات التي توضع في وجهه، ويثبّت الإنجازات التي تحققت عبر الجهود السورية الروسية المشتركة في مكافحة الإرهاب».
كان بوتين قد حذّر من أن اغتيال سليماني يهدّد «بتفاقم خطير للوضع» في الشرق الأوسط

وأشار الأسد وبوتين إلى أن «الهدف الأساسي من المسار السياسي هو عودة الاستقرار والأمان إلى جميع المناطق السورية، وتحقيق مصالح الشعب السوري في الحفاظ على وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها بما يدفع باتجاه توفير بيئة اقتصادية أفضل للانطلاق بعملية إعادة الإعمار». وأظهر مقطع فيديو نشرته حسابات الرئاسة السورية على مواقع التواصل الاجتماعي، بوتين خلال الاجتماع الذي عقده مع الأسد في دمشق، وهو يعبّر عن «سروره بعودة الحياة إلى دمشق»، على الرغم من أن «لدينا مشاكل كثيرة لحلّها، وخصوصاً في الشمال الشرقي والغربي»، مشدداً على أن «علينا إعادة بناء الاقتصاد السوري».
وتأتي زيارة بوتين في وقت يتصاعد فيه التوتر بين واشنطن من جهة، وطهران وحلفائها من جهة أخرى، عقب اغتيال الفريق قاسم سليماني بضربة أميركية قرب مطار بغداد الدولي. وفي هذا الإطار، كان ردّ فعل بوتين قد جاء مقتضباً، إذ اكتفى بالتحذير من أن اغتيال سليماني يهدّد «بتفاقم خطير للوضع» في الشرق الأوسط. يُذكر أن الرئيس الروسي غادر، بعد الزيارة التي استمرّت ساعات قليلة، إلى تركيا، حيث من المقرر أن يلتقي غداً نظيره التركي رجب طيب إردوغان.