عمّان | بعد محاكمات علنية قصيرة، أصدرت محكمة أمن الدولة الأردنية حكمها المخفّف على المتسلّل الإسرائيلي، كونستانتين كوتوف، الذي اعتُقل في 29 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وحَكَم قاضي المحكمة العسكرية على كوتوف بالحبس أربعة أشهر وبغرامة ألف دينار (1400 دولار أميركي) مع الرسوم، بعد إدانته بتهمتَي حيازة مادة مخدّرة بقصد التعاطي، والتسلّل والدخول بطريقة غير مشروعة إلى أراضي المملكة، على أن تُحسب مدة توقيفه ضمن الحكم، أي أنه قضى بالفعل نصف المدة. وجاء تخفيف الحكم بعد أن وجدت رئاسة المحكمة أن كوتوف «متزوج وربّ أسرة»، وعليه أعطته «فرصة لإصلاح نفسه وتصويب مسار حياته»، علماً أن تهماً من هذا النوع بحق أردني مثلاً يدخل إلى الضفة أو فلسطين بالطريقة نفسها ستكون مضاعفة بما لا يقارن.خلال المحاكمة، تَبيّن أن كوتوف مطلوب لدى الشرطة الإسرائيلية بتهم متعلقة بالمخدرات، وكان دخوله إلى الأردن طلباً للجوء لدى السفارة الروسية في عمّان، وهو ما يُفسّر جزءاً من مجريات المحاكمة وطريقتها، إذ كان من الواضح التوجّه إلى إبعاد السياسة عنها، إلى حدّ أنها ظهرت كمحاكمة لفعل جرمي عادي تشهد المحاكم الأردنية مثيلاً له يومياً، وليس كمسألة حساسة متعلقة بتسلّل إسرائيلي. ومن هنا، يتساءل الأمين العام لحزب «الوحدة الشعبية» المعارض، سعيد ذياب: «ماذا لو كان المتسلّل أردنياً ودخل الأرض المحتلة، هل سيتعامل الاحتلال بحكم مخفّف؟». يقول ذياب لـ«الأخبار»: «ما جرى رخاوة قضائية في التعامل مع المتسلّل... الحكم في الأردن خاضع كلياً لمعاهدة وادي عربة، وبهذا الحكم غير الصائب هناك تنازل عن السيادة الوطنية... الدولة أضاعت على نفسها فرصة استثمار هذه الحادثة لتحسين ظروف الأسرى الأردنيين في السجون الإسرائيلية على أقلّ تقدير».
اللافت أن إسرائيل لم تبدِ اهتماماً بالمتسلّل، الذي ترافق توقيفه مع أَسْر الفلسطينيَّين - الأردنيَّين هبة اللبدي وعبد الرحمن مرعي، قبل الإفراج عنهما في وقت لاحق جرّاء المساندة الشعبية لهما والمطالبات الأردنية بإطلاق سراحهما. لكن الأهمّ أن الحكم يأتي في وقت يبدو فيه الأردن معنيّاً بتجديد الحديث عن أهمية العلاقة مع إسرائيل، في تأكيد لـ«خيار السلام»، كما جاء على لسان الملك عبدالله الثاني، خلال حديثه إلى قناة «فرانس 24» منذ يومين، عندما قال إن «الأردن ملتزم بالسلام كخيار استراتيجي... إسرائيل تنظر إلى الداخل وتُركّز على قضاياها الداخلية، لذلك علاقتنا الآن في حالة توقّف مؤقت». وسبق كلامَ عبدالله بأيام تصريحٌ للسفير الأردني لدى تل أبيب، غسان المجالي، عن «أهمية وضرورة احترام معاهدة السلام»، إضافة إلى «واقع التعاون الثنائي بين الجانبين على صعيد التنسيق الأمني ومكافحة الإرهاب».