مقالات مرتبطة
مداولات تركية ـــ روسية قد تفضي إلى إخلاء تركي لنقاط المراقبة في القسم الجنوبي
لكن ما يبرز أيضاً هو التصلّب التركي المستجدّ في الحالتين الليبية والسورية. فقد تحدث إردوغان بنبرة عالية عندما وصف حفتر بأنه «فارّ»، وبأنه «سوف يلقّنه الدرس الضروري». وهذا يشير إلى التعثر الذي تواجهه سياسة تركيا الجديدة في ليبيا، لكنه مؤشر آخر إلى أن تركيا تتحدّث عن ليبيا مثلما كانت تتحدّث سابقاً عن سوريا، كما لو أنهما محافظتان تابعتان لها. وبعد كلام إردوغان، منذ أسبوعين، عن «عثمانية ليبيا»، ها هو يجدد ذلك في خطابه يوم الثلاثاء الماضي بالقول إن تركيا في ليبيا «لحماية أحفاد أجدادنا، ومنهم قبيلة كور أوغلو، من بطش خليفة حفتر». لكن الخطاب التركي لم يوفّر هذه المرّة الرئيس السوري، بشار الأسد، وذلك بعد لقاء رئيسَي استخبارات البلدين علي مملوك وحاقان فيدان في موسكو علناً للمرة الأولى. والتشدّد التركي قد يكون في جانب منه مؤشراً على فشل اللقاء، حيث تَمسّك الجانب السوري بحقّه في مطالبة أنقرة بانسحاب الجيش التركي من كلّ سوريا. ولفت إردوغان، في كلمته الثلاثاء الماضي، إلى أنه لم يَحِد قيد أنملة عن خطابه التقليدي في مهاجمة دمشق منذ عام 2011، وتهديده بأنه «إذا استمرّت خروقات الجانب السوري لوقف النار في إدلب، فإننا نحن الذين سنتصدّى له هذه المرّة».
كلام إردوغان قد يكون مرتبطاً بتطوّر آخر له علاقة بالحديث عن احتمال إقامة «منطقة آمنة» تخطّط لها تركيا وروسيا معاً على غرار مناطق «درع الفرات» وعفرين وشرقي الفرات. وتشير بعض المعطيات إلى مداولات تركية ــــ روسية يمكن أن تفضي إلى إخلاء تركي لنقاط المراقبة في القسم الجنوبي لإدلب، على أن يتقدّم الجيش السوري ويسيطر مباشرة على كلّ الطرقات المؤدية إلى حلب من حمص وحماة واللاذقية، والتي يلحظها أساساً «اتفاق سوتشي» الذي لم تنفذه أنقرة. لكن الجديد اليوم هو احتمال أن يتقدّم الجيش التركي، ويحتلّ منطقة شمال إدلب بما فيها مدينة إدلب، ويقيم «منطقة آمنة» جديدة. وقد لمّح إلى هذا الأمر عضو هيئة السياسات الأمنية والخارجية التابعة لرئاسة الجمهورية برهان الدين دوران، قبل أسبوعين، إذ كتب في صحيفة «صباح» الموالية لإردوغان أن روسيا والأسد يعملان تدريجياً على استعادة إدلب، ما يتسبّب بالمزيد من تهجير السكان، والذي وصل إلى أقلّ من مليون خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. ولذا، يقول دوران: «إذا لم يتوقّف ذلك بالتعاون مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فإن تركيا ستكون مضطرة للتفكير في إقامة منطقة آمنة في إدلب». فهل يكون «الحلّ» في إدلب هو في تقسيمها إلى نصفين، جنوبي بعودته للوطن الأم، وشمالي ببدء تركيا «الحملة الرابعة»، بعد «درع الفرات» و«غصن الزيتون» و«نبع السلام»، واحتلاله برضى روسي كما العادة؟