القاهرة | أثار الخروج المفاجئ لشركة «فودافون» البريطانية من سوق الاتصالات المصرية جدلاً كبيراً، وخاصة أن الشركة هي الأفضل في الأداء من بين الشركات الأربع العاملة في السوق، إضافة إلى كونها الأكثر حيازة للرضى بين العملاء الذين وصل عددهم إلى 44 مليوناً. ويوضح الهيكل الاستثماري للشركة أن «الشركة المصرية للاتصالات»، التابعة للحكومة، تمتلك أكثر من 40% من «فودافون مصر»، بالإضافة إلى امتلاكها المشغّل الأحدث لخدمات المحمول «وي»، ولذلك تسبّب بقاء «المصرية للاتصالات» ضمن الشراكة، بل تشغيلها خدمات محمول خاصة بها قبل نحو عامين، في استياء الشركة الأمّ في لندن، والتي وجدت في هذا السلوك تضارباً في المصالح، فضلاً عن استمرار ضغوط الدولة على العملاء والتضييق عليهم في خدمات الإنترنت المنزلي تحديداً، من أجل خطفهم لمصلحة الشركة الحكومية التي حصلت على امتيازات كثيرة.وأعلنت «فودافون» بيع حصتها لـ«شركة الاتصالات السعودية» بقيمة 2.4 مليار دولار، في وقت ستكون فيه الأخيرة مجبرة على تقديم عرض إلى «المصرية للاتصالات» لشراء حصتها، على اعتبار أن الأخيرة تملك النصف تقريباً، لكنها لا تنوي شراء حصة الشركة البريطانية لعجزها عن توفير السيولة المطلوبة حالياً، فضلاً عن انخفاض العائد في ظلّ تملّكها شبكة منفردة، وكثرة الديون التي تجعلها غير مؤهلة للاقتراض لشراء الحصة الثانية. ووفق مصادر اقتصادية، جاء قرار «فودافون» بعد دراسات وشكاوى قدّمتها إلى الجهات المسؤولة عن تنظيم الاتصالات في شأن التدخل لانتزاع العملاء، وغياب المنافسة العادلة، فضلاً عن ممارسة ضغوط سياسية على شركة هادفة إلى الربح أساساً، وانطلاق دعوات سابقة إلى مقاطعتها من قِبَل جهات سيادية بسبب استثماراتها في قطر.
تنوي السعودية شراء الحصة البريطانية مع بحث شراء حصة الحكومة المصرية


هكذا، قرّرت الشركة الخروج على رغم استمرارها في تحقيق أرباح، لكنها تخوّفت من الخسائر على المدى المتوسط، إلى جانب رغبتها في توفير تمويل لدعم أسواق أخرى في أوروبا أكثر ربحاً، علماً بأن رئيس «فودافون مصر»، ألكسندر فرومان، أكد أن الهدف من البيع رغبتهم في التركيز على «نشر تكنولوجيا الجيل الخامس في أوروبا». كما نقلت المصادر أن الإجراءات المتخذة في السوق المصرية في شأن تنظيم الاتصالات «لم تنصف فودافون، وجعلتها تحقق عائدات أقلّ من المتوقع... الشركة لوحت بالقرار سابقاً، لكن الجهات المعنية لم تضعه في الاعتبار».
ويرى خبراء اقتصاديون أن «الاتصالات السعودية» قد تشتري حصة «المصرية للاتصالات» لتكون غالبية الأسهم ملكاً لها، وخاصة أن هناك رغبة لدى قيادات «المصرية للاتصالات» في بيع حصّتها لاستخدام العائد في سداد المديونيات التي بلغت حتى نهاية أيلول/ سبتمبر 2019 نحو 15 مليار جنيه. وسيخضع استحواذ «اتصالات السعودية» على حصة نسبتها 55% من «فودافون مصر» لضريبة الأرباح الرأسمالية بنسبة 22.5% وفقاً للمعمول به في قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005. لكن هذه الضرائب قد لا تُحصّل بسبب اتفاقات الازدواج الضريبي التي وقّعت عليها الدولة، الأمر الذي قد يدفع البرلمان إلى تعديل بعض القوانين لتحصيلها، ولا سيما أن إتمام خروج الشركة البريطانية لن يتمّ قبل الصيف المقبل.