من دون سابق انذار أو «مقدمات دبلوماسية»، أغلقت دمشق سفاراتها في الرياض والكويت وواشنطن. مصادر دبلوماسية سورية أكّدت لـ«الأخبار» أنّ لا بعد سياسياً لهذا الموضوع. وأرجعت ذلك إلى مضايقات تتعرّض لها البعثات الدبلوماسية السورية في تلك الدول، خصوصاً مسائل تجديد الإقامات أو تحرّك داخل هذه البلدان أو منح دبلوماسين جدد تأشيرات دخول، أو تضييق على الدبلوماسيين السوريين خلال دخولهم وخروجهم. كذلك أوضحت المصادر أنّ ما حدث لا يسمّى «اغلاق للسفارات» رغم خلّوها من العاملين فيها، بل هو استدعاء من قبل وزارة الخارجية للدبلوماسيين للعودة إلى بلدهم من دون تعيين بدلاء عنهم.

وكانت معظم الدول المعادية للحكومة السورية تريد أن تقفل سفارات دمشق فيها، لكنها اصطدمت بالأمر الواقع الذي يقضي باستحالة القيام بذلك بسبب احتفاظ الدولة السورية بشرعيتها الدولية، اذ انها الوحيدة المخوّلة اصدار جوازات سفر وأوراق رسمية لمواطنيها.
ونشر الموقع الرسمي للسفارة السورية في السعودية إعلانا على صفحته الرئيسية، موجّها إلى «مواطني الجمهورية العربية السورية المقيمين بالسعودية»، قائلاً فيه «نرجو ممّن تقدّم بطلب معاملة قنصلية، ولم يقم باستلامها التوجه للسفارة السورية بالرياض لاستلامها بموعد أقصاه 10 أيام من تاريخ اليوم 11 آذار 2014».
وسبق أن أغلقت السلطات السعودية، في آذار عام 2012، سفارتها في سوريا بشكل كامل، وغادر دمشق، حينها، جميع الدبلوماسيين السعوديين الذين يقدّر عددهم بـ 25، كما غادر حرس السفارة وهم سعوديون أيضاً وعددهم 15، وذلك بعد شهر من طلب السعودية من السفير السوري فيها مغادرة أراضيها نتيجة «استمرار العنف والعمليات العسكرية» في سوريا.
بينما أعلنت السفارة السورية في واشنطن عن اعتذارها عن عدم استقبال معاملات تمديد وتجديد جوازات السفر للمتواجدين في الولايات المتحدة وكندا بدءاً من تاريخ 10/ 3/ 2014 لـ«أسباب فنية». في سياق آخر، وفي وقت يعمل فيه «الائتلاف» المعارض على تحصيل شرعية عربية ودولية عبر العمل على شَغْل مقعد سوريا في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة، وعلى التشكيك في الانتخابات الرئاسية المقبلة، التقى رئيسه أحمد الجربا، الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي لمطالبته بتسليم «الائتلاف» مقعد سوريا الشاغر في قمة الكويت في 25 و26 آذار الجاري، بحسب مصدر في «الائتلاف». وكان المتحدث باسم «الائتلاف»، لؤي الصافي، قد لفت في بيان إلى أنّ اعتراض وزراء خارجية 3 دول عربية والتنافس بين القوى السياسية للمعارضة السورية حالا دون تسليم الجامعة العربية مقعد سوريا الشاغر منذ عام 2011 للائتلاف المعارض خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة يوم الأحد.
وأقرّ وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم في آذار من العام الماضي، في قمة عقدت في الدوحة، منح مقعد سوريا لـ«الائتلاف» حال تشكيله لهيئة تنفيذية، وذلك بالرغم من تحفّظ كل من الجزائر والعراق وإعلان لبنان النأي بنفسه عندما طرحت المسألة للنقاش، وهو ما حققه «الائتلاف» بتشكيل الحكومة المؤقتة.
في سياق آخر، رأت مصادر المعارضة السورية في الخارج أنّ الشروط التي تضمّنها مشروع الانتخابات العامة، الذي يناقشه البرلمان السوري منذ أيام، تقصي غالبية أعضاء المعارضة عن الترشح لرئاسة الجمهورية، وفُصّلت لتناسب الرئيس الحالي بشار الأسد، وذلك لـ«كون غالبيتهم لا تنطبق عليهم شروط الترشيح، خاصة في ما يتعلق بالإقامة داخل البلاد لمدة عشر سنوات متواصلة عند تقديم طلب الترشيح، وغير محكوم بجناية لكون النظام أصدر أحكاماً جائرة على معارضيه وفق محاكمات صورية وأخرى عسكرية». ورأت المصادر، حسبما نقلت وكالة «الأناضول»، أنّ على الرئيس بشار الأسد «الرحيل وتسليم السلطة وليس إعداد مشروع انتخابات على مقاسه ليستمر جلوسه على كرسي الحكم». ووافق البرلمان السوري، في جلسته أول من أمس، على الانتقال إلى إقرار مشروع قانون الانتخابات العامة «مادة مادة»، بعد عرضه للمداولة العامة ومناقشته من قبل لجنتي الداخلية والإدارة المحلية والشؤون الدستورية والتشريعية، بحسب وكالة «سانا» الرسمية. وذكرت الوكالة ذاتها، أمس، أنّ مشروع القانون وفقاً لأسبابه الموجبة يأتي «نظراً لصدور قانون الانتخابات العامة النافذ بالمرسوم التشريعي رقم 101 لعام 2011 قبل نفاذ الدستور الجديد الذي تمت المصادقة عليه عام 2012، وعدم تضمنه أحكام انتخاب رئيس الجمهورية واقتصاره على انتخابات مجلس الشعب والمجالس المحلية». كذلك أفادت الوكالة بأن مشروع القانون سببه «الحاجة إلى تعزيز الرقابة القضائية والعمل الديمقراطي إضافة إلى إعادة النظر في قانون الانتخابات العامة النافذ وتضمينه أحكاماً تفصيلية لانتخاب رئيس الجمهورية».
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)