صنعاء | في وقت كان فيه اليمنيون في انتظار عودة خدمات الإنترنت، بعدما وصلت سفينة تابعة للشركة التي تزوّد اليمن بخدمات بقدرة 120 جيغابايت عبر الكابل البحري «فالكون» لإصلاح الكابل المنقطع، أقدمت وزارة الاتصالات في حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، فجر الجمعة الماضي، على قطع الوصلات الدولية البديلة التي استخدمتها شركة الاتصالات الدولية في العاصمة صنعاء لتزويد البلاد بسعة 20% من الخدمة. وجاءت العملية التخريبية الجديدة بعد قرابة أسبوع على قيام مسلّحين محسوبين على حكومة هادي في مدينة عدن باقتحام «محطة الرباط الدولية» في المدينة، ومباشرتهم بفصل المسار الدولي للإنترنت الذي يربط اليمن بجيبوتي بسعة 10 جيغابايت، وهو ما تسبّب ببطء شديد في خدمات الإنترنت، وأدى إلى تعطّل الكثير من الأعمال والأنشطة الحيوية، كالتحويلات المالية بين اليمن والخارج. كما نتج من تلك الأعمال شلل شبه تام لنشاط القطاعين المصرفي والبنكي، وتكبيد شركات الاتصالات اليمنية خسائر فادحة.وعلى رغم ارتفاع الأصوات المطالبة بتحييد الاقتصاد، وعدم إقحام خدمات الاتصالات في أتون الصراع، أكد مصدر مسؤول في وزارة اتصالات هادي أن فصل المسار الدولي للإنترنت، والذي يُعدّ آخر المسارات التي تزوّد اليمن بالخدمة في مدينة عدن، جاء بتوجيهات شخصية من وزير الاتصالات لطفي باشريف، ولم يكن نتيجة عمل تخريبي عشوائي من قِبَل عصابات مسلحة. واعتبر قطع خدمة الإنترنت عن الشعب اليمني «انتصاراً جديداً» لما تسمى بـ«الشرعية» ومؤشراً على نجاحها. وعدّ ذلك العمل الذي عزل اليمن عن العالم، وضاعف معاناة اليمنيين، وقَطَع تواصلهم بأهاليهم وذويهم في الخارج، بداية لنقل الصفر الدولي من صنعاء إلى عدن بهدف تجفيف مصادر دخل صنعاء. ولم يوضح البدائل التي ستقدّمها تلك الحكومة لليمنيين في الجنوب، الذي تزوّده صنعاء بخدمات الإنترنت قبل الشمال، وخصوصاً في ظلّ فصل المسارات الأخرى كافة، والتي توقف بعضها عن العمل منذ سنوات جراء العدوان والحصار.
استخدام حكومة هادي الإنترنت كـ«أداة حرب» جديدة بوجه صنعاء، جاء بعد اتهامها «أنصار الله» بأنها استخدمت الاتصالات في ضرب معنويات الميليشيات الموالية لـ«التحالف» في نهم، ومن ثمّ حسم المعركة لمصلحتها. ووفقاً لتلك الادعاءات المنقولة عن مذكّرات رسمية صادرة عن وزارة دفاع هادي، فإن المئات من عناصر تلك الميليشيات تلقّوا اتصالات من مأرب تأمرهم بالانسحاب العاجل من جبهات نهم وصرواح. لكن حكومة صنعاء تنفي صحة الاتهامات المتقدّمة، مطالِبةً الأمم المتحدة بالتدخل العاجل لوقف تدمير قطاع الاتصالات، باعتباره قطاعاً خدمياً يتعامل مع أبناء اليمن كافة. ودعت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في صنعاء، المنظمة الدولية، إلى العمل على ضمان استكمال صنعاء لربط الكابل البحري في الحديدة وفق «اتفاق استوكهولم»، لتزويد البلاد بخدمة الإنترنت التي تَعطّل 80% من سعتها الدولية في التاسع من كانون الثاني/ يناير الماضي في قناة السويس، مُحمّلة دول العدوان مسؤولية تدمير بنيتها التحتية، وإعاقة مساعي تطوير أبراج الاتصالات وصيانتها، بما فيها الموجودة في المحافظات الجنوبية.
ووفقاً للشركة اليمنية للاتصالات «تليمن»، فإن العدوان وقف حجر عثرة أمام مساعي الشركة لتطوير خدماتها، إذ حُجزت تجهيزات الاتصالات ومحطات الربط الدولي في المناطق الخارجة عن سيطرة «أنصار الله» وحلفائها. وقال مصدر مطلع في الشركة لـ«الأخبار» إن «العدوان تسبّب بتدمير كابلات الألياف الضوئية في حرض وعلب والبقع، وأوقف محطة الوديعة الحدودية مع المملكة عن العمل، بالإضافة إلى إيقاف محطات الألياف الضوئية في المنطقة الشرقية، ليتبقّى مزود وحيد للخدمة غرب اليمن عن طريق الكابل فالكون المنقطع منذ قرابة الشهر، والذي بدأت عملية صيانته منذ يوم السبت الماضي، وكان يفترض أن تستغرق أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع». ويُعزى انقطاع الكابل إلى رسوّ سفينة كبيرة في قناة السويس، أدى إلى فصله من ثلاثة أماكن، لتطاول الأضرار أكثر من 7.5 ملايين مشترك.
وتعرّض قطاع الاتصالات، على مرّ الأعوام الماضية، للتدمير الممنهج من قِبَل «التحالف»، الذي استهدف أكثر من 360 برج اتصالات، و1700 موقع خاص بالاتصالات، لتتجاوز خسائر هذا القطاع أكثر من مليارَي دولار. يضاف إلى ذلك أن العدوان والحصار تسبّبا بخروج ستة منافذ دولية للإنترنت من أصل سبعة تستخدمها «تليمن» عن الخدمة. كما منع «التحالف» إدخال أيّ أجهزة خاصة بتطوير الاتصالات اليمنية، واحتجز مختلف التجهيزات الخاصة بالألياف الضوئية في الموانئ الخارجة عن سيطرة صنعاء. وتسبّب العدوان أيضاً بتراجع حركة التحويلات المالية الداخلية والخارجية، وأعاق الحركة التجارية، وأدى إلى توقف الأنشطة المرتبطة بالإنترنت، ومنها نشاط الصحافيين الذين لجأ بعضهم إلى خدمات الأقمار الصناعية الباهظة الكلفة. وأسفر عموم الانقطاع والتراجع في قرابة شهر عن ارتفاع خسائر البلاد والقطاع الخاص بما يقدّر بأكثر من 50 مليار ريال يمني.