تقمّص الفرنسيون أمس الدور الأميركي في ما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، حيث حذّر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند نظيره الروسي فلاديمير بوتين من أن ضمّ القرم إلى روسيا سيكون «غير مقبول»، كما جاء في بيان للرئاسة الفرنسية.وذكر البيان أن هولاند دعا الرئيس بوتين، أثناء محادثة هاتفية، إلى «بذل كل ما بوسعه لتجنّب ضم القرم إلى روسيا، الذي سيكون غير مقبول بنظر المجتمع الدولي».

وقبل أربعة أيام من الاستفتاء الذي قررت السلطات الانفصالية الموالية لروسيا في القرم إجراءه، بشأن إلحاق شبه الجزيرة بروسيا، شدد هولاند على أن هذا الاستفتاء «الذي تتواصل تحضيراته في ظل تعتيم تام ليس له أي أساس قانوني»، مؤكداً أنه «لا يزال هناك متسع من الوقت لتجنّب تصعيد لا طائل منه وخطر».
وفي الوقت نفسه طالب القادة الغربيون في مجموعة الدول الصناعية الكبرى السبع موسكو بالتراجع وعدم دعم تنظيم هذا الاستفتاء الذي لن يكون له برأيهم «أي قيمة قانونية».
وذكّر الرئيس الفرنسي نظيره الروسي بالثوابت لـ«الخروج من الأزمة»، وهي: احترام «سيادة ووحدة وسلامة أراضي أوكرانيا»، وسحب القوات المنتشرة، وتنظيم الانتخابات الرئاسية في 25 أيار المقبل، واعتماد دستور جديد يكفل خصوصاً الاحترام الكامل لحقوق المجموعة الناطقة بالروسية، وينص على لامركزية حقيقية من أجل مصلحة كامل المناطق الاوكرانية.
من جهة أخرى، بحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس الوضع في أوكرانيا وفي جمهورية القرم، خلال مكالمة هاتفية جاءت بمباردة من الجانب الفرنسي. وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أمس أن فابيوس اتصل بلافروف أول من أمس، مشيرةً إلى أن الطرفان اتفقا على مواصلة الاتصالات بشأن القضية.
كذلك أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس أنه سيلتقي لافروف في لندن غداً، ليبحثا مرة جديدة خطة للخروج من الأزمة الأوكرانية، وذلك قبل يومين من الاستفتاء المقرر إجراؤه بشأن ضم القرم إلى روسيا.
من جهة ثانية، أعلن رئيس الوزراء الأوكراني ارسيني ياتسينيوك عقب لقائه الرئيس الميركي باراك أوباما، أن الجانب السياسي في اتفاق الشراكة بين بلاده والاتحاد الأوروبي سيوقع الاسبوع المقبل. وقال ياتسينيوك «أنا واثق بأن أوكرانيا ستوقع الأسبوع المقبل الجانب السياسي من اتفاق الشراكة، وستجتاز بذلك مرحلة مهمة ومتينة في مشروع انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الاوروبي».
في غضون ذلك، أظهرت مسودة وثيقة اطّلعت عليها وكالة رويترز أن دول الاتحاد الأوروبي وافقت على صيغة عقوبات على روسيا تشمل قيوداً على السفر وتجميد أصول المسؤولين عن انتهاك سيادة أوكرانيا.
وتتناول الوثيقة المكتوبة في سبع صفحات بالتفصيل الإجراءات التي سيتم اتخاذها ضد موسكو إذا لم تغيّر نهجها في شبه جزيرة القرم، وتبدأ محادثات مع وسطاء دوليين بخصوص جهود لحل الأزمة الأوكرانية.
وإذا أقرّ وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي العقوبات في اجتماع يوم الاثنين، فستكون الأولى التي يفرضها على روسيا منذ نهاية الحرب الباردة، وتشير إلى تدهور حاد في العلاقات بين الشرق والغرب. من جهته، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب (الدوما) أليكسي بوشكوف إن روسيا ستردّ على الاتحاد الأوروبي بنفس العقوبات، بعد أن اقترح رئيس الوزراء ديفيد كاميرون أن يفرض الاتحاد الاوروبي قيوداً على حركة السياسيين من الحزب الحاكم في روسيا، احتجاجاً على تدخل موسكو في شبه جزيرة القرم. ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن بوشكوف قوله «بالطبع سترد روسيا بنفس الطريقة».
وأضاف أن ذلك سيكون بمثابة «تجميد غير مسبوق للعلاقات بين البرلمانات»، وسيتدخل في عمل منظمات دولية مثل مجلس أوروبا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، مؤكداً أنه إذا قرر الاتحاد الأوروبي تجميد اتصالاته مع موسكو، فإن روسيا ستقيم علاقات مع جهات أخرى. من جانب آخر، أقرّ مجلسا النواب والشيوخ في الكونغرس الأميركي مشروعي قرار ينددان بالتدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، ويدعوان إلى تطبيق عقوبات مختلفة بحق روسيا.
ويندد المشروع بانتهاك الجيش الروسي لسيادة أوكرانيا واستقلالها ووحدة ترابها، ويدعو روسيا إلى سحب جميع قواتها العسكرية من جمهورية القرم، موضحاً أن الشعب الأوكراني يتمتع بحق تقرير مصيره بنفسه دون تدخل خارجي.
في هذا الوقت، أعلن الرئيس الأوكراني المعين من قبل البرلمان ألكسندر تورتشينوف الذي يتولى أيضاً صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة، أول من أمس، أن الجيش الأوكراني لن يتدخل في جمهورية القرم، قائلاً: «لا نستطيع شن عملية عسكرية في القرم، فنحن بالتالي سنكشف حدودنا الشرقية ونبقي أوكرانيا بلا حماية، وهذا ما يعول عليه العسكريون الروس».
كذلك أعلن القائم بمهمات وزير الدفاع الأوكراني إيغور تينوخ في تقرير مقدم إلى الرئيس الأوكراني أمس أن عُشر قوات منظومة الدفاع الجوي الأوكرانية فقط جاهز لتنفيذ المهمات القتالية. وقال تينوخ عن جاهزية القوات المسلحة بعد إعلان حالة التأهب فيها، إن مستوى تنفيذ أمر تحويل القوات من الوضع السلمي إلى الحربي «متدن بنحو غير مقبول».
إلى ذلك، أعلن نائب وزير الدفاع الروسي أناتولي أنتونوف، أمس، أن روسيا سمحت للجانب الأوكراني بإجراء طلعات جوية استطلاعية للتأكد من عدم وجود أي نشاطات عسكرية من قبل القوات المسلحة الروسية من شأنها أن تهدد أمن أوكرانيا.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)