القاهرة | جرت، الأسبوع الماضي، الانتخابات البرلمانية التكميلية في دائرتين؛ أهمّهما الجيزة في القاهرة الكبرى، والتي كان يمثلها قبل «ثورة يناير» رجل الأعمال محمد أبو العينين، وهو نفسه الذي تَعجّل العودة إلى كرسيّ البرلمان بعد وفاة نائب الدائرة، محمد بدوي دسوقي، العام الماضي، واضطرار لجنة الانتخابات إلى إجراء انتخابات تكميلية لشغل المقعد الشاغر الذي حاول نجل الراحل المنافسة عليه، لكنه خسر بفارق كبير. انضمّ أبو العينين، وهو أحد كبار رجال الأعمال المصريين، إلى حزب «مستقبل وطن» الذي تديره الأجهزة الأمنية علناً، ليشغل منصب نائب رئيس الحزب، الأمر الذي مهّد لعودته إلى البرلمان، ليس بالرشى الموثّقة بالصوت والصورة فقط، أو بمحاولة إعاقة تصويت المعارضين أيضاً، بل بتمويل كبير للحزب، الذي تَعهّد بإنفاق الملايين عليه وعلى قوائمه الانتخابية في الانتخابات المتوقعة الخريف المقبل.وعلى رغم الحديث عن «سعي جدّي» لإجراء تعديلات جوهرية على النظام الانتخابي، ورغبة الدولة في تلافي المشكلات التي حدثت خلال الانتخابات السابقة في عام 2015، تتّجه الأمور حتى الآن إلى إجراء الانتخابات بالقانون نفسه. كذلك، رسّخت الدولة، عبر اكتساح أبو العينين الانتخابات التكميلية، الصورة التي سيجري بها انتخاب البرلمان الجديد، بداية من شرط الانضمام إلى «مستقبل وطن» الذي سيكون مكوّناً للغالبية، وصولاً إلى السعي إلى الفوز بترشيح الحزب والتبرّعات المالية، وخاصة مع زيادة النفقات أخيراً، وعزوف الأجهزة عن صرف أموال على الحزب وأنشطته، ضمن خطة المراجعات لأوجه الإنفاق.
سياسة الأجهزة في التعامل مع الراغبين في العودة إلى المشهد السياسي لن تكون فيها أيّ مساحة للتراجع على الإطلاق؛ فشرط التمويل هو الأهمّ، بغضّ النظر عن المواقف السابقة حتى لو كان فيها انتقاد للرئيس عبد الفتاح السيسي أحياناً. والآن، هناك وجوه يجري التفاوض معها للترشّح كشخصيات مستقلة، مع وعد بتسهيل فوزها ضمن مخطط لصناعة معارضة محسوبة على النظام وتتحدّث باسمه في الخارج. وتقول مصادر لـ«الأخبار» إن «مستقبل وطن» يعمل حالياً على إقناع قضاة سابقين ومرشحين خسروا الانتخابات الماضية وتعرّضوا لتنكيل من الأجهزة بخوض التجربة مجدّداً، مع وعود بضمانات من شأنها إدخالهم المجلس، مشيرة إلى أن شخصيات كثيرة تنتمي إلى «الحزب الوطني» المحلول مِمَّن كانوا أعضاء في برلمانات نظام محمد حسني مبارك قرّرت التعاون مع الحزب.
وتضيف المصادر نفسها إن بعض هؤلاء «ظروفهم الصحية لم تعد تسمح لهم بالمشاركة، وبعضهم تلقّوا نصائح بالدفع بأبنائهم أو أبناء عمومتهم، وخاصة في الصعيد»، وهو ما يجري التنسيق له، بل إن الأمر في «مراحله الأخيرة». أما الذين باتوا غير قادرين على سداد التزاماتهم المالية، فستجبرهم الأجهزة الأمنية على التزام الصمت، حتى لو كانوا نواباً حاليين، إذ إن هؤلاء لن ينجحوا في الانتخابات المقبلة بعدما صار الأمر رهن اعتبارات مختلفة، من بينها إتاحة الفرصة لأصوات معارضة محدودة في بعض الدوائر كي تفوز. ولا تستثني هذه الفرصة أحزاباً رفضت الجلوس في اللقاءات التي يعقدها «مستقبل وطن» حالياً، وذلك كجزء من الإطار التجميلي للحياة السياسية.