في أول زيارة له للإقليم منذ اغتيال الولايات المتحدة قائد «قوة القدس» في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، حطّ وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في الرياض، الأربعاء، قادماً من أفريقيا حيث أجرى جولة تمحورت حول مواجهة الصين.التوقيت «الإيراني» للزيارة المتواصلة على مدار ثلاثة أيام يبدو منطقياً، في ظلّ الحاجة إلى رفع التنسيق بين الولايات المتحدة وحلفائها بوجه طهران، وذلك مع بقاء منسوب التوتر في مرحلة ما بعد عملية الاغتيال، والذي زاد من التعقيد في غير ملف إقليمي. تصريحات بومبيو المرافقة للزيارة، وتلك التي سبقتها، أكدت مركزية ملفّ الحملة ضدّ إيران. وفي هذا الإطار، قال المسؤول الأميركي للصحافيين المرافقين في الرحلة إنه سيلتقي الملك السعودي ووليّ عهده، و«سنمضي الكثير من الوقت (في الرياض) في الحديث عن القضايا الأمنية، وبشكل خاصّ تهديدات جمهورية إيران الإسلامية، لكننا سنتحدّث أيضاً عن أمور كثيرة».
بالنسبة إلى الإعلام السعودي، فإن الزيارة حظيت باهتمام كونها تصادف الذكرى الـ 75 لتأسيس الشراكة السعودية الأميركية بلقاء الملك عبد العزيز آل سعود والرئيس فرانكلين روزفلت على متن «كوينسي» (14 شباط/ فبراير 1945). وفي حين توحي الجولة برغبة في الحفاظ على العلاقة التي تجمع الرياض بإدارة الرئيس دونالد ترامب، يَظهر تفقّد بومبيو قوات بلاده الموجودة في قاعدة الأمير سلطان الجوية ومنظومة «باتريوت» القريبة من القاعدة كرسالة تصعيد أميركي إقليمي. وحاولت الخارجية الأميركية التعبير عن هذه الرسالة ببيان جاء فيه أن زيارة القاعدة «تُبرز العلاقة الأمنية الأميركية السعودية الطويلة الأمد، وتؤكد مجدّداً تصميم أميركا على الوقوف مع السعودية في مواجهة السلوك الإيراني الخبيث». وهو موقف يستبطن «تمنين» الرياض، وإظهار أن التصعيد الأميركي في الأسابيع الأخيرة، وصولاً إلى اغتيال سليماني، جاء في إطار الالتزام الأميركي الدفاع عن المملكة والردّ على استهدافها، وخصوصاً بعملية «أرامكو».
وقال بومبيو أمس: «السعوديون يشاركوننا أهدافنا الاستراتيجية وهم حليف مهم»، في حين تلاشى الحديث عن قضية الصحافي جمال خاشقجي. واكتفى الزائر الأميركي بالإضاءة على ما سمّاه قضايا حقوق الإنسان، التي تَبيّن أن المقصود بها اعتقال «ناشطين»؛ أبرزهم الطبيب الأميركي السعودي وليد فتيحي. وفيما تحدّث بومبيو عن أن قضايا تتعلّق بالاقتصاد على جدول أعمال الزيارة، لم يشر إلى تفاصيل أكثر، في وقت تمحورت فيه جولته الأفريقية التي سبقت زيارة المملكة حول مواجهة الصين هناك.
في التوقيت، توقّف المتابعون كذلك عند ملف «صفقة القرن»، بما يوحي باستمرار هذا المسار في المدى المنظور، وبالحدّ الأدنى إظهار أن ثمة رضى أميركياً كبيراً على الدور السعودي في تسهيل الإعلان عن الصفقة وإعطاء الغطاء والدعم للإعلان، على رغم أن المشاركة المباشرة اقتصرت على حلفاء الرياض الخليجيين.