شهدت أرياف محافظة إدلب هدوءاً حذراً أمس مع عدم تسيير أي دورية تركية ـــ روسية جديدة في المنطقة، بعد فشل الدورية الأولى قبل يومين. وفق مصادر مطلعة، منحت روسيا تركيا «فرصة لضبط المسلحين الذين يحرّضون المدنيين على إفشال الاتفاق عبر الاستمرار في قطع طريق M4 الدولي بالإطارات المشتعلة». وتقول المصادر إن «موسكو تريد بهذه المحاولات نزع كل الذرائع التركية المتعلّقة بهذا الملف، كي تبرز عجز أنقرة عن السيطرة على المسلحين»، ولذلك تتوقع المصادر أن «تخفق أنقرة في تنفيذ التزاماتها المتعلّقة بتسيير الدوريات وفتح مقطع طريق اللاذقية ــــ حلب... هذا سيترك الباب مفتوحاً للجيش السوري والروس للتعامل عسكرياً مع المسلّحين الرافضين للاتفاق، وفتح الطريق بالقوة».لا تزال الفصائل المسلحة، في غالبيتها، على موقفها الرافض تطبيق «اتفاق موسكو» الأخير، ومنها «غرفة عمليات وحرّض المؤمنين» (تضم «جبهة أنصار الدين»، و«أنصار التوحيد»، و«جبهة أنصار الإسلام»، و«تنظيم حراس الدين»)، التي وصفت الاتفاق بـ«الحل الاستسلامي»، مشيرة في بيان إلى «الرفض المتكرّر لمخرجات الاجتماعات من جنيف مروراً بأستانا وسوتشي ونهاية بموسكو»، ومشدّدة على «الاستمرار بالقتال مهما كانت ضريبته وعواقبه». كذلك، دعا البيان مسلحي وقاطني المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة في الشمال السوري إلى «اعتماد خيار القتال». يأتي ذلك بعدما فجّرت الفصائل المسلحة ليلة أول من أمس أحد الجسور الواقعة على M4، في حين غرز مسلّحون مسامير على طول الطريق لإعاقة الدوريات المشتركة. وفي السياق، أعلن أحد المقرّبين من «هيئة تحرير الشام» مكافأة بمبلغ كبير في حال قتل إعلاميي الوكالات الروسية الذين كانوا يرافقون الدورية. كما ذكر «المرصد المعارض» أن «الهيئة» و«حكومة الإنقاذ» التابعة لها، موّلتا المعتصمين بتكاليف النقل من المدن والقرى والبلدات للوصول إلى طريق حلب ــــ اللاذقية، كما تكفّلتا بالخيم وتوزيع المشروبات والطعام على بعض المتظاهرين.
يفتح استمرار رفض المسلحين وعجز الأتراك عن الحل المجال للخيار العسكري


في المقابل، أكدت الخارجية الروسية في بيان، أمس، أن «التشكيلات الإرهابية في منطقة إدلب لخفض التصعيد شمال غرب سوريا أعادت تسليحها وتشن هجمات مضادة على القوات السورية»، مضيفة أن الفصائل، خصوصاً «تحرير الشام» و«حراس الدين»، ترفض الاعتراف بالاتفاقات الروسية ــــ التركية. وتابع البيان: «صفوف الجهاديين المتمركزين هناك تضم كثيراً من الدواعش، بينهم هؤلاء الذين تم إجلاؤهم آنذاك عبر ما يسمّى الممرات الآمنة من مناطق أخرى في سوريا». لذلك، شددت الخارجية على أنه «أياً كانت جنسية الأشخاص الذين سلكوا طريق العنف والإرهاب، من الضروري محاسبتهم على الجرائم التي ارتكبوها، وهناك خياران ممكنان فقط: القضاء على الإرهابيين، أو محاسبتهم جنائياً وفقاً للقانون». واختتم البيان: «ضمان تحقيق المحاسبة هو بالذات ما ترتكز عليه جهودنا الدبلوماسية في اتصالاتنا مع الزملاء الخارجيين»، في إشارة إلى تركيا.