ردت إسرائيل سريعاً على طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بإطلاق سراح الدفعة الجديدة من الأسرى الفلسطينيين، وأنه سيكون دليلاً على نية تل أبيب بإحلال السلام، بإعلانها رفضها تنفيذ المرحلة الأخيرة من الإفراج إذا لم يلتزم عباس مواصلة محادثات السلام بعد انقضاء المهلة التي حددتها الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق في شهر نيسان.
موقف إسرائيل رأت فيه الإدارة الفلسطينيية أنه ستكون له «تداعيات كبيرة»، فيما دعت الولايات المتحدة الدولة العبرية إلى التزام اتفاقية إطلاق سراح الأسرى وتحرير الدفعة الأخيرة منهم حسب الاتفاق.
وأكدت كبيرة المفاوضين الإسرائيليين وزيرة القضاء، تسيبي ليفني، في خطاب في جنوب إسرائيل من شأنه أن يعقد جهود واشنطن لإنقاذ مساعي صنع السلام أنه «لم يكن هناك على الإطلاق التزام تلقائي بالإفراج عن السجناء دون أن يكون مرتبطاً بإحراز تقدم في المفاوضات».
وكانت ليفني تشير إلى موافقة إسرائيل، التي جاءت في إطار مساع أميركية لإحياء محادثات السلام التي توقفت ثلاث سنوات، على الإفراج عن 104 فلسطينيين قبل اتفاق السلام الانتقالي عام 1993، وكانت تل أبيب قد أفرجت عن أكثر من 70 منهم منذ استئناف المفاوضات في شهر تموز الماضي.
وقالت ليفني: «مفتاح باب السجناء الفلسطينيين في أيدي أبو مازن، ويتوقف على القرارات التي سيتخذها في الأيام المقبلة».
بدوره، قال وزير الاقتصاد، نفتالي بينيت، زعيم حزب البيت اليهودي المتطرف والمؤيد للاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، لإذاعة الجيش الإسرائيلي: «أعتقد أنه يجب على المجلس الوزاري الأمني أن يتساءل عن منطق» إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، في إشارة إلى الدفعة الرابعة والأخيرة من الأسرى.
وأضاف بينيت: «من الواضح للعالم أن المحادثات لا تتقدم. سنطلق سراح إرهابيين كي يقوم هو (عباس) بعرقلة المفاوضات؟ ما هذا المنطق؟».
وقال: «هذا سيعطي انطباعاً قوياً حول مدى جدية الإسرائيليين بخصوص عملية السلام».
من جهته، شدد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة على أن عدم تنفيذ المرحلة الأخيرة من الإفراج عن المعتقلين سيمثل انتهاكاً للاتفاق المبرم مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
وأضاف أبو ردينة أن «الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى في 29 الشهر الجاري هو اتفاق رسمي مع الجانب الأميركي والتزام إسرائيلي وأي خرق لهذا الاتفاق سيكون له تداعيات كبيرة».
من جهتها، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جان ساكي: «هناك بعض الضغوط واللغط حول تحرير الأسرى الفلسطينيين نهاية الشهر الحالي يجب على الإسرائيليين تنفيذ اتفاق تحرير الأسرى، وهذا الأمر اتفق عليه بين الأطراف، ونحن ندعم إطلاق سراح الأسرى حسب الاتفاق».
وكان وزير الأسرى والمحررين الفلسطينيين عيسى قراقع، قد أكد أمس أنّ من المقرر حسب الاتفاق الإفراج عند الدفعة الرابعة والأخيرة في 29 الشهر الجاري وتضم 30 أسيراً ممن بقوا معتقلين ما قبل اتفاقيات أوسلو.
وأشار قراقع إلى أن عباس يرفض ربط الإفراج عن الدفعة الرابعة بتمديد المفاوضات؛ لأن اتفاق الإفراج عن الأسرى ما قبل أوسلو اتفاق منفصل تماماً عن سياق المفاوضات. وكان مسؤول إسرائيلي قد كشف في وقت سابق أمس أن إسرائيل تريد تأكيدات لعدم انسحاب عباس من المفاوضات عند الإفراج عن المعتقلين. وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه: «نحن بحاجة لأن نتأكد أن المفاوضات ستستمر بعد الإفراج عن الأسرى وأنها ستكون حقيقية وعلى أرض صلبة». من جهة أخرى، أعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة أن الرئيس باراك أوباما لم يعرض رسمياً اتفاق إطار خلال اجتماعه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في البيت الأبيض.
وأضاف أبو ردينة في حديث لوكالة «فرانس برس» أن أوباما والجانب الأميركي عرضا مجموعة من الأفكار المتعددة على الجانب الفلسطيني والرئيس عباس، لافتاً إلى أن اللقاءات ستستمر خلال الأسابيع المقبلة.
بدوره، أوضح كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أن اجتماع عباس ـ أوباما كان «صعباً وطويلاً».
وأضاف عريقات في كلمة أمام مركز ويلسون للدراسات في واشنطن أنه «خلافاً لما كان متوقعاً لم نخرج من هذا الاجتماع بوثيقة رسمية يقترحها الأميركيون».
وقال عريقات: «ما زلنا في مرحلة المباحثات» للتوصل إلى الاتفاق الإطار الذي يعد له وزير الخارجية الأميركي جون كيري منذ أشهر.
واحتراماً لتعليمات واشنطن بالتزام السرية، لم يكشف عريقات فحوى المباحثات بين أوباما وعباس.
وقال إن المباحثات كانت «جدية وعميقة».
وأوضح عريقات أنه «لا أحد غير الفلسطينيين سيستفيد من نجاح أوباما وكيري». وحول الاعتراف بيهودية إسرائيل، قال عريقات: «لماذا اعترف بكم دولةً يهودية؟ إسرائيل هي الدولة الإسرائيلية».
إلى ذلك، هدد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بالرد القوي على سقوط أي صاروخ على مستوطنات غلاف غزّة.
وقال نتنياهو في كلمة ألقاها في مؤتمر النقب المنعقد في سديروت أمس: «إسرائيل لن تقبل باستمرار تنقيط الصواريخ، وأنها سترد على كل إطلاق بشكل مؤلم»، منوهاً بنية جيشه استهداف من يمس بأمن إسرائيل.
وأضاف: «سياستي واضحة، لن يكون هنالك تنقيط للصواريخ عبر النقب، وسنرد على كل إطلاق مباشرة وبعنف»، مشيراً إلى «أنه منذ عملية «عمود السحاب» هنالك حالة من الهدوء في النقب لم يشهدها منذ عقد من الزمان».
وشدد نتنياهو على أنه إذا لزم الأمر، فستوسع إسرائيل من عملياتها بهذا الخصوص، وقال: «إن أمن النقب مهم كما أمن «غوش دان» – منطقة تل أبيب الكبري».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)