بغداد | يظهر أن رئيس الوزراء المكلّف بتأليف الحكومة الاتحاديّة المرتقبة في العراق، مصطفى الكاظمي، مرهونٌ بواحدة من ثلاث صيغ لتأليف حكومته. وفق معلومات حصلت عليها «الأخبار»، الاتصالات مستمرّةٌ حتى الساعة، لكنّها لم تسفر بعد عن صيغة أو اتفاق يحظى بإجماع الأحزاب والقوى بغية تمرير «الكابينة» برلمانيّاً، وسط ترجيح بتأجيل طرح «المسوّدة الأولى» للتشكيلة من منتصف الأسبوع الجاري حتى أواخره. وفق المعلومات أيضاً، اشترط الكاظمي على الأطراف السياسيين أن يتّسم مرشحوهم بـ«الكفاءة والنزاهة»، بالتوازي مع احتمالات كبيرة أن تتبع الحكومة المرتقبة منهج سابقتها برئاسة عادل عبد المهدي، في الشقّ المتعلّق بتوزيع الحقائب على المكوّنات المختلفة: يحظى «البيت الشيعي» بـ11 حقيبة، ثلاث منها سياديّة هي: الداخلية والخارجية والنفط، و«البيت السُنّي» بست حقائب بينها واحدة سياديّة هي الدفاع، أما «البيت الكردي»، فله ثلاث واحدة منها سياديّة هي الماليّة، فيما تنال «الأقليّات» حقيبتين.في هذا السياق، يتمسّك «الحزب الديموقراطي الكردستاني»، بزعامة مسعود بارزاني، بفؤاد حسين للماليّة، وهذا ما اصطدم بتوجّهٍ في «المركز» يرفض استيزار أي وجه «مجرّب»، ما فرض معادلة جديدة في سياقات التأليف، تقضي باستبعاد أي وجه سبق أن تسنّم حقيبة. وحتى الآن الاتصالات والمشاورات مستمرّة وفق ثلاث صيغ، ما أخّر إعلان التشكيلة، وفق مصادر متابعة. عدد من الأقطاب السياسيّين يصرّ على الصيغة الأولى الداعية إلى رفع الأحزاب والقوى المسوّدة إلى المكلّف. هنا، لا دور للأخير سوى التوقيع، فالأمر متروكٌ للقوى التي تتقاسم بدورها الحصص بينها. هذا يعني أن الحكومة بهذه الصيغة هي «محاصصة علنيّة»، ضاربة بذلك عرض الحائط المخاوف الجديّة من انهيار البلد في ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي الآيل إلى انفجار، إضافة إلى تجاهلها رغبة «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني) أن تكون الحكومة، رئيساً وأعضاءً، «غير جدليّة، ومن الكفاءات الوطنيّة»، وكذلك رغبة الشارع بوصفه أبرز العوامل التي أطاحت حكومة عبد المهدي. وهذا الطرح تقوده وجوهٌ وقوى قديمة وجديدة في آن واحد، تسعى إلى الحفاظ على ما تبقى من مكتسباتها، وأخرى تسعى إلى «تطويرها» بالمحاصصة لافتقادها أيّ طرح مقنع.
رُفضت الصيغة الثانية التي تُطعّم فيها الحكومة بسياسيين وتكنوقراط


رُفضت الصيغة الأولى، فتصدّرت الثانية التي ينادي بها المكلّف، والداعية إلى «إطلاق يده» في انتقاء مرشحيه للحقائب الـ22. أراد الكاظمي أن يُمنح حق توزيع الحقائب على «من يراه مناسباً» بمرشحين يحظون في نهاية المطاف بقبول الأحزاب والقوى. عمليّاً، أراد بهذا «التوزيع» إرضاء الجميع، لكن بالطريقة التي يريدها، على أن تكون الحكومة مطعّمة بالسياسيين والتكنوقراط، وهو ما جوبه برفض الأطراف السياسيين، لأنّه على حدّ تعبير مصادر عديدة «يقوّض جهودها، ويسمح للكاظمي بإدارة الأزمة بالأسلوب الذي يريده»، الأمر الذي يخشاه كثيرون. أما الصيغة الثالثة، التي تحظى حتى الآن بدعم الجميع، فهي الأقرب إلى أن تكون «مناصفةً» بين رئيس المخابرات السابق وأركان «البيت الشيعي» تحديداً، وستنسحب تالياً على «الفضاء الوطني». يعبّر البعض أنها «تعاونٌ بين الفضاء الشيعي والوطني والفضاء الخاص بالكاظمي». وفي التفاصيل، طرح اجتماع القوى «الشيعية» مطلع الأسبوع الماضي «تأليف لجنة فنيّة تساند الرئيس المكلّف في التأليف، إذ يتداول هؤلاء (اللجنة والفريق المفاوض الخاص بالكاظمي) آلية توزيع الحقائب واختيار الوزراء المحتملين».
المشهد، باعتماد الصيغة الأخيرة من شأنه أن يكون عنصراً مساعداً في ولادة الحكومة قريباً، وهذا ما عبّر عنه الكاظمي، قبل يومين، بالقول إن «المشاورات مع القوى مستمرة في أجواء وديّة، ونحاول تجاوز المعوقات على أساس الحوار الإيجابي»، مضيفاً أنّه يسعى إلى أن يكون فريقه «كفوءاً ونزيهاً، ويواجه الأزمات، ويسير بالبلاد نحو النجاح وتحقيق مطالب الناس».