القاهرة | الاقتصاد المصري (أيضاً) لم يعد يتحمل آثار فيروس كورونا، هكذا مهّد المتحدث باسم الحكومة لقرار خطير سيتخذ في الأيام القليلة المقبلة. التمهيد جاء في مداخلة للمتحدث على أحد البرامج التلفزيونية، ليؤكد اتجاه الحكومة إلى استئناف الحياة كما كانت خلال أقل من شهر، بغض النظر عن واقع الإصابات والوفيات. هكذا، بينما اعتمدت الدولة في بداية الأزمة ثلاثة سيناريوات متدرجة تصل في أقصاها إلى فرض حظر كامل للتجول ومنع التنقل وإيقاف الأعمال كلياً، ها هي تتراجع حتى مع زيادة أعداد المصابين والوفيات، بل ذهبت إلى التساهل أكثر في التعامل مع حظر التجول الذي تقلصت ساعاته من 11 إلى 9 فقط.
تقوم الرؤية الحالية للحكومة، كما تنقل مصادر، على عودة الحياة إلى جميع المؤسسات تدريجياً (أ ف ب )

بات ملاحظاً في المدة الأخيرة أنه يجري العمل على تقليص إعلان أعداد المصابين بالفيروس عبر تقليل الفحوص، إلى جانب التوسع في عزل المناطق التي تظهر فيها إصابات. ويتسبّب تأخر الفحوصات لبعض الحالات في تأخر وصولها إلى المستشفيات المخصصة للعزل، وهذا ما أدى إلى تزايد نسب الوفيات بين المصابين، إذ يموت كثيرون فور وصولهم إلى المستشفيات أو خلال أول يومين. رغم هذا الواقع والأداء، ثمة شبه توافق خلال اجتماع الحكومة الأخير على «التعايش مع كورونا في إطار بعض الإجراءات الاحترازية من أجل تخفيف حدة الانتشار»، بعدما قدم وزير المالية، محمد معيط، دراسة تفيد بالعجز عن تحمّل نتائج الإغلاق وتعطيل الأعمال، ولا سيما في القطاع الخاص، فضلاً عن صعوبة الاستمرار في تقديم دعم إلى العمالة غير المنتظمة لأكثر من ثلاثة أشهر، كما تقرر في بداية الأزمة.
عملياً بدأت إعادة الحياة تدريجياً، رغم أن البلاد لم تتجاوز مرحلة الذروة في انتشار «كورونا»، بل مما يزيد المخاوف من موجة أو موجات تالية هو الاستعداد لاستئناف مزيد من الرحلات الجوية وفتح المطارات منتصف الشهر الجاري (أيار/مايو) أو نهايته على أقصى تقدير، في خطوة هدفها المعلن إعادة الحركة السياحية حتى لو بحدها الأدنى. بالتوازي، اضطرت الحكومة بسبب تبعات الإغلاق إلى التوجه إلى «صندوق النقد الدولي» من أجل الحصول على قرض جديد، وسط تكتم على المبلغ الذي تنوي طلبه، بعدما أنهت العام الماضي الحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار تلقته على دفعات في السنوات السابقة، وسط توقعات بأن تراوح قيمة القرض الجديد بين مليار وثلاثة مليارات بحد أقصى.
تتوقع الحكومة 10 آلاف حالة وفاة ضمن خطتها في الأشهر المقبلة


الرؤية الحالية للحكومة قائمة، كما تنقل مصادر، على عودة الحياة في جميع المؤسسات تدريجياً، مع رفع حظر التجول وتخصيص أماكن خارج المستشفيات لمن تثبت إصابتهم، مع الاكتفاء بالتعقيم ومتابعة الوضع الصحي للمخالطين لهم، وذلك مع تجنّب أي إجراءات من شأنها إغلاق المؤسسات أكثر من أسبوع بحد أقصى، فضلاً عن طلب إجراء الامتحانات الضرورية للثانوية العامة والسنوات الأخيرة (التخرج) في الجامعات المختلفة. مع هذا، تتوقع الحكومة أكثر من 10 آلاف وفاة بسبب الفيروس على مدار الأشهر المقبلة، علماً بأنه رقم كبير مقارنة بالأرقام اليومية المسجلة، وهو مستنبط من دراسة أكدت أن عودة الحياة والنشاط السياحي ستسهم في زيادة المصابين. ويُطرح سبب آخر لعودة الحياة، هو تجنّب إنهاك الطواقم الطبية التي سجلت إصابات فيها بنسبة 17%، وهي من أعلى الأرقام المسجلة دولياً.
إلى جانب بقاء نظام الرعاية الصحية صامداً بألا ينشغل في حالات مصابة بأعراض بسيطة، يقوم تصور الدولة على استغلال الفرصة المتاحة للتصدير المكثف إلى عدد من الدول، سواء منتجات زراعية أو صناعية، خاصة مع وجود أفضلية للمنتجات المصرية في أسواق مختلفة، وهي معادلة مركبة تسعى الحكومة إلى تطبيقها من أجل تحقيق أفضل عائد سريعاً.