في موازاة الصعوبات التي تعترض المساعي الأميركية، والتقدير بأن المفاوضات تواجه خطر الانهيار، نقلت الإذاعة الإسرائيلية «ريشيت بيت» عن مصادر دبلوماسية غربية قولها إن الإدارة الأميركية تسعى إلى بلورة اقتراح يتيح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إقناع أعضاء الحكومة بالمصادقة على إخراج الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين، وبينهم من الأراضي المحتلة عام 1948.
وأكدت المصادر نفسها أن «الإدارة الأميركية لا ترفض بشكل قاطع طلب نتنياهو تحرير الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد، في مقابل تبنّي اتفاق الإطار الأميركي وتحرير أسرى من عرب إسرائيل».
ونقلت الاذاعة أيضاً عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن «المحادثات تواجه خطراً حقيقياً، وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق حول الدفعة الرابعة من الأسرى فإن ذلك سيؤدي إلى انهيار محادثات التسوية». وبحسب المسؤولين أنفسهم، فإن «رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لم يستجب لطلب الرئيس الأميركي باراك أوباما تليين موقفه، بل اتخذ موقفاً أكثر تشدداً في موضوع الأسرى».
وفي السياق، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن إسرائيل أضافت شرطاً إضافياً جديداً لإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى، بهدف ممارسة الضغط على القيادة الفلسطينية، وبالتالي تحميلها مسؤولية فشل المفاوضات وإظهارها بأنها من تتحمل مسؤولية عدم تنفيذ هذه الخطوة. وأكدت مصادر سياسية إسرائيلية أنه «إذا لم يضمن الجانب الأميركي استئناف المفاوضات لمدة سنة إضافية، فلن تطلق إسرائيل أي معتقل فلسطيني».
ولفتت المصادر نفسها إلى «نجاح استراتيجية إسرائيل بإظهار السلطة كرافضة للاتفاق».
وأوضح مصدر إسرائيلي «من غير المعقول أن تطلق إسرائيل سراح المعتقلين وبعد أسبوعين يحطم أبو مازن الآليات ويتوجه إلى الامم المتحدة. وإذا كان أبو مازن يريد المعتقلين فليدفع ثمن الجدية». وأضافت «يديعوت» أن هذه المسألة ليست هي الوحيدة نقطة الخلاف بين تل أبيب وواشنطن، بل تدور نقاشات أيضاً حول إطلاق سراح 14 معتقلاً فلسطينياً من أراضي الـ48، الذين التزمت الولايات المتحدة أمام الفلسطينيين بإطلاق سراحهم ضمن معتقلي ما قبل أوسلو. إلا أن إسرائيل تصرّ على عدم الاتفاق معها على ذلك، وتقول إن وزير الخارجية جون كيري وعد بذلك على مسؤوليته الخاصة، وهذا لا يلزمها.
ولفتت الصحيفة إلى أن «نتنياهو يدرك أنه إذا قدَّم اقتراحاً أمام الحكومة بشأن تحرير المعتقلين الفلسطينيين من إسرائيل، فسيُقابل بمعارضة شديدة من قبل الوزراء، وهكذا فإنه حتى لو تم تنفيذ الخطوة المتفق عليها فإنها لن تشمل هؤلاء المعتقلين، الأمر الذي من شأنه التسبب بأزمة شديدة مع الفلسطينيين». كذلك أشارت الصحيفة إلى وجود «خلاف حول موعد تنفيذ العملية؛ فالفلسطينيون يدّعون أنها يجب أن تتم في نهاية الشهر الجاري، بينما تدعي إسرائيل أنه لم يتم تحديد موعد لذلك».
في السياق نفسه، يواصل المبعوث الأميركي مارتن انديك جهوده الأخيرة، بحسب وصف تقارير إسرائيلية، لمنع انهيار المفاوضات والتوصل إلى اتفاق حول تمديدها مع أو من دون «اتفاق الإطار» الأميركي. وعقد انديك لقاءات مع وفد فلسطيني وبعده مع مسؤولة ملف المفاوضات وزيرة القضاء الإسرائيلية تسيبي ليفني.
وبالرغم من عدم ورود تفاصيل بشأن مضمون اللقاء، تحدثت تقارير إسرائيلية عن أن الهدف منه منع انهيار المفاوضات قبل أسبوع من استحقاق تحرير الأسرى.
وهدّد نائب وزير الدفاع الإسرائيلي داني دانون بأنه سيستقيل من منصبه إذا تم الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في إطار الدفعة الرابعة المقررة في نهاية الشهر الجاري.
ونقل راديو «صوت إسرائيل» عن دانون قوله إن «إطلاق سراحهم (الأسرى) يساعد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ويضعف الموقف الإسرائيلي». وأضاف «إن عملية الإفراج عن السجناء كان يجب أن تتم في إطار المفاوضات، ولكن في الوقت الذي لا تجري فيه مفاوضات لا يجوز الإفراج عنهم».
من جهة أخرى، أعربت مصادر إسرائيلية عن تشاؤمها إزاء إمكان نجاح المساعي الأميركية، مشيرةً إلى أن الأميركيين لم يتوصلوا بعد إلى صيغة اتفاق تعرض على الجانبين، لكنهم يسابقون الزمن من أجل عرضها على الجانبين حتى نهاية الأسبوع الجاري.
وذكرت «يديعوت أحرونوت» أيضاً أن هناك حالة من اليأس في الجانب الأميركي إزاء مستقبل المفاوضات. ونقلت عن مصادر أميركية أنه «في حال واصل الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني التحصن خلف مواقفهما، ولم يتقبّلا الورقة الأميركية، فسيضطر كيري إلى سحب يده من المفاوضات، وفي هذه الحالة سيقول الأميركيون إنهم حاولوا وبذلوا كل الجهود دون فائدة».
لكن المصادر نفسها أضافت أيضاً أن «كيري قد يعرض وثيقته ويخاطر برفضها من قبل أحد الجانبين أو كليهما»، فيما قالت مصادر إسرائيلية إن إسرائيل لن ترفض الورقة بشكل قاطع، وستقول «نعم ولكن»، وتعرض تحفظاتها، بينما تعتبر الوثيقة بالنسبة إلى الفلسطينيين جوزة قاسية لا يمكن كسرها بسبب رفضهم الاعتراف بيهودية إسرائيل والتخلي عن حق العودة وإعلان انتهاء الصراع».
ورأت الصحيفة الإسرائيلية أن هذا الموقف يكون جزءاً من محاولة الضغط على الطرفين كي يخففا من مواقفهما.
إلى ذلك، أعربت كل من منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي عن قلقهما البالغ بشأن اعتزام الحكومة الإسرائيلية بناء 2269 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية.