صنعاء | أقدمت البحريّة الإريترية، أخيراً، على اعتقال عشرات الصيادين اليمنيين أثناء ممارستهم الصيد في المياه الإقليمية اليمنية. خطوةُ عدّتها سلطات صنعاء اعتداءً سافراً على السيادة اليمنية، مُتّهمةً الإمارات، حليفةَ إريتريا، بمحاولة تفجير الأوضاع بالقرب من مضيق باب المندب، الذي لم تتوقّف مساعي تحالف العدوان لتدويله، وهو الأمر الذي لا تزال سلطات صنعاء تحذّر منه، مؤكدةً حرصها على أمن البحر الأحمر.وبلغ عدد الصيادين اليمنيين المعتقلين منذ أيار/ مايو الماضي أكثر من 160، بينهم نحو 70 اعتُقلوا مطلع شهر حزيران/ يونيو الجاري عند تخوم جزيرة حنيش اليمنية. وأكد الناطقُ باسم وزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ، العميد عبد الخالق العجري، حوادثَ الاعتقال، متحدثاً في بيان صدر الأسبوع الماضي عن تمركز القوات الإريترية في جزيرة حنيش، ومصادرتها 8 قوارب يمنية بالقرب من جبال عايض جنوب البحر الأحمر، فضلاً عن أكثر من 53 قارباً من سواحل مدينة المخا والمناطق المجاورة لها. وأشار العجري إلى أن تلك الاعتداءات تأتي بضوء أخضر إماراتي، وفي ظلّ صمت الميليشيات الموالية لأبو ظبي في الساحل الغربي.
من جهتها، وفي محاولة منها لامتصاص الغضب الشعبي على الممارسات الإريترية المغطّاة إماراتياً، أقدمت قوات خفر السواحل التابعة لحكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، مطلع الشهر الجاري، على مطاردة ثلاثة زوارق إريترية، قبل أن تحتجز اثنين منها، على متنهما 7 عناصر، فيما لاذ الثالث بالفرار. وقالت تلك القوات إن الزوارق الإريترية دخلت المياه الإقليمية اليمنية وكانت في مهمّة ملاحقة قوارب صيد يمنية. وفيما لم تعلّق سلطات أسمرة على الواقعة، سارعت الإمارات إلى الإيعاز لرجلها، طارق محمد عبد الله صالح، بالتدخل لدى «خفر السواحل» الذي يعمل في منطقة نفوذ تابعة لنجل شقيق الرئيس الراحل علي عبد الله صالح من أجل الإفراج عن الزورقين الإريتريين. وهذا ما حصل بالفعل، لكن وعد أبو ظبي بالتوسّط للإفراج عن الصيادين اليمنيين كافة لم يصدق، إذ أفرجت أسمرة عن بعضهم دون الآخرين، فيما لا يزال العشرات معتقلين لديها.
تحتجز البحريّة الإريترية يمنيّين على متن سفينة عائمة إماراتية


والجدير ذكره، هنا، أن السفينة العائمة التي يُحتجز على متنها اليمنيون من قِبَل البحريّة الإريترية إنما هي عائدة لأبو ظبي، الأمر الذي يجعل الأخيرة شريكة مباشرة في الجريمة. وعلى رغم تلويح حكومة هادي، على لسان وزير الثروة السمكية فيها فهد كفاين، بأنها «لن تقف مكتوفة الأيدي» إزاء ذلك، فإن تهديداتها لا يبدو أنها تُخلّف أثراً لدى الإمارات التي تسيطر على ميناء عصب الإريتري، وتوجد في جزيرة زقر اليمنية (إحدى جزر أرخبيل حنيش)، ولها نفوذها في الساحل الغربي عبر الميليشيات الموالية لها، والتي لم تكن لتتوالد لولا تواطؤ حكومة هادي مع العدوان، وتأمينها الغطاء للاحتلال.
وبالعودة إلى ما تشهده جزر حنيش، فقد أفادت مصادر من مدينة الحديدة، «الأخبار»، بأن البحريّة الإريترية عاودت، في خلال الأيام الماضية، منع الصيادين اليمنيين من ممارسة الصيد في محيط الجزر. وهو ما ترجعه مصادر استخبارية في صنعاء إلى وجود قوات أميركية في الأرخبيل منذ عدّة أشهر، حيث عملت على تسوير بعض المناطق في جزيرة حنيش الكبرى، وسيطرت على مرتفعات صخرية يبلغ ارتفاع أعلاها 430 متراً عن سطح البحر، كما وضعت أجهزة رادار ورصد استخباري ومعدّات عسكرية مختلفة.
ويعتبر الخبير في الجغرافيا السياسية، أنيس الأصبحي، في حديث إلى «الأخبار»، أن التحرّكات الإريترية المعادية في جنوب البحر الأحمر تأتي بالتنسيق مع الجانبين الأميركي والإسرائيلي، وهو ما يعيد إلى الأذهان ذكرى قيام البحريّة الإريترية في منتصف كانون الأول/ ديسمبر 1995، بإشراف خبراء إسرائيليين، بمهاجمة جزر حنيش اليمنية بستة زوارق بحريّة من طراز «ريشيف» كانت تل أبيب قد قدّمتها إليها، وخمس طائرات إسرائيلية من طرازَي «بلاك هوك» و«دولفين».