عزّز المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، حالة الجمود في العملية السياسية على خطّ الأزمة السورية، باستبعاده استئناف الحوار السوري ــ السوري قريباً، في وقت تعمل فيه كل من واشنطن وموسكو على فصل الاتفاق على نزع السلاح الكيميائي السوري عن خلافه المستجد حول أوكرانيا.
وأعلن الإبراهيمي، أمس، أنّ من المستبعد في الوقت الحاضر استئناف الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة في جنيف. وأضاف، أثناء وجوده في الكويت حيث يشارك في القمة العربية اليوم، أنّ «العودة إلى جنيف ليست واردة لأن شروطها غير متوافرة». ورداً على سؤال عمّا إذا كان سيزور سوريا قريباً: «خلاص كفاية».
في السياق، قال مصدر دبلوماسي عربي، أمس، إنّ قرار عدم تسليم مقعد سوريا لـ«الائتلاف» السوري المعارض في القمة العربية التي تنعقد اليوم «جاء بعد خلافات كبيرة واستجابة» لطلب «هيئة التنسيق الوطنية» السورية.
وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إنّ «هيئة التنسيق أرسلت خطاباً لجامعة الدول العربية، أوضحت فيه أن الائتلاف لا يمثل المعارضة السورية كلها»، مشيراً إلى أنّ «هذا اتُّفق عليه في الاجتماعات التحضيرية للقمة».
وأوضح الدبلوماسي، في حديثه لوكالة «الأناضول» أنّ الجزائر أدت دوراً بارزاً في هذه النقطة «حيث قدّمت اقتراحاً تبناه العراق ومصر لعدم الإشارة في مشروع القرار إلى مسألة المقعد وتسليمه للائتلاف»، مشيراً إلى أن السعودية وقطر أصرّتا على ضرورة الإشارة إلى نقطة مقعد سوريا.
في موازاة ذلك، اتفق وزير الخارجية المصري نبيل فهمي والإبراهيمي على ضرورة دعم الحل السياسي للخروج من الأزمة السورية. وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية، بدر عبد العاطي، إنّ «فهمي استمع إلى تقويم الإبراهيمي في شأن مواقف مختلف الأطراف الإقليمية والدولية المهتمة بهذا الملف»، وشدد فهمي على «ضرورة احترام التطلعات المشروعة للشعب السوري نحو الحرية والديموقراطية، والابتعاد بالبلاد عن شبح الطائفية والحفاظ على وحدة الأراضي السورية».
في سياق آخر، قال وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إنّه يأمل ألا يؤثر الوضع في القرم على التعاون مع روسيا في شأن الجهود الدولية لتدمير الأسلحة الكيميائية السورية. وأضاف، خلال قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، أنّ «كل ما أقوله أني أتمنى أن تستمر الدوافع نفسها التي حثت روسيا على أن تكون شريكاً في هذه الجهود»، مشيراً إلى أنّ «هذا الأمر أكبر من أي من بلدينا. هذا تحدٍّ عالمي». وأكد كيري أنّه «وصلنا في التخلص (من الأسلحة الكيميائية السورية) إلى علامة الخمسين في المئة، وهذا مهم لكن الأهمية الحقيقية ستكون عندما نصل إلى القضاء على كل هذه الأسلحة». بدوره، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أنّ موسكو تعوّل على انتهاء عملية إخراج السلاح الكيميائي من سوريا حسب الموعد، في منتصف العام الجاري، وذلك بعد لقائه المدير العام لمنظمة حظر السلاح الكيميائي أحمد أزوموجو، في لاهاي.
من ناحية أخرى، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في تقرير قدّمه إلى مجلس الأمن الدولي أنّ وصول المنظمات الإنسانية إلى السوريين ممن هم في حاجة إلى إغاثة «لا يزال صعباً جداً». وحثّ بان الحكومة السورية والمعارضة على اتخاذ مجموعة من الإجراءات لتسهيل إيصال المساعدات، وخصوصاً الأدوية، إلى 9,3 ملايين سوري بحاجة إلى مساعدة انسانية. ومن المفترض أن يراجع مجلس الأمن تقرير بان يوم الجمعة المقبل. وأضاف التقرير أنّ بان «يدين بشدة الغارات المكثفة (للجيش السوري) على أحياء سكنية، فضلاً عن أعمال الترهيب المتبعة في سوريا من قبل مجموعات متشددة تهدف إلى فرض إيديولوجيات راديكالية في بعض أجزاء البلاد». ويقوّم التقرير مدى تنفيذ القرار رقم 2139، الذي أصدره مجلس الأمن بالإجماع في 22 شباط الماضي. وطالب هذا القرار برفع الحصار عن مدن سورية عدة ووقف استخدام «البراميل المتفجرة» ضد المدنيين من قبل القوات الجوية السورية. ولا ينص القرار على فرض عقوبات في حال عدم احترام بنوده. ويترك المجال مفتوحاً أمام مجلس الأمن للرد على منتهكيه، بالاعتماد على تقرير الأمين العام، ولكن ذلك يتطلب قراراً جديداً صادراً عن المجلس.
إلى ذلك، دعت منظمة «هيومان رايتس ووتش» مجلس الأمن لفرض حظر تسلح على الحكومة السورية، التي أعلنت طوال السنوات الثلاث الماضية، «موسم صيد مفتوح على المدنيين». ولفت بيان صادر عن المنظمة الدولية إلى أن «الشركات والأفراد الذين يواصلون تزويد سوريا أو قوات المعارضة المتورطة في جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية بالسلاح أو الذخيرة أو العتاد يخاطرون بالتواطؤ في تلك الجرائم».
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)