تونس | جدد حزب التكتل من أجل العمل والحريات الذي يترأسه رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر دعوته إلى تحييد قانون الإقصاء المعروف بقانون تحصين الثورة الذي سيمنع بموجبه آلاف من أنصار النظام السابق من الترشح في الانتخابات المقبلة.
دعوة حزب التكتل التي ساندتها مجموعة من الأحزاب ومن النواب المستقلين في المجلس الوطني التأسيسي اصطدمت برفض الأحزاب الكبرى، بما فيها حركة النهضة التي ساندت مشروع الإقصاء عندما قدمه حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في قبل عامين. وتستند الأحزاب التي قدمت هذا المشروع وتسانده إلى أنه ليس من المنطقي ولا من المعقول أن يعود حكام الأمس من المتورطين في الفساد وفي القمع إلى الحكم. حزب حركة الشعب (ناصريون) دعا إلى مقاطعة كل الأحزاب المنحدرة من الحركة الدستورية. هذه الدعوات لم تعد تلقى أي سند شعبي؛ فالأحزاب التي تدعو إلى الإقصاء والعزل السياسي فقدت الكثير من السند الجماهيري، في مقابل عودة الأحزاب المنحدرة من النظام السابق التي تجمع على رفض قانون العزل السياسي بمساندة من أبرز أحزاب وسط وأقصى اليسار. وتطالب هذه الأحزاب، مثل الحزب الجمهوري وحزب المسار الديموقراطي الاجتماعي والحزب الاشتراكي وحزب العمل الوطني الديموقراطي وبعض الأحزاب الصغرى، بتحييد قانون العدالة الاجتماعية الذي يبقى الصيغة الوحيدة الممكنة لمحاسبة أنصار النظام السابق على ما ارتكبوه من جرائم ويبقى الشعب هو الوحيد المؤهل لإقصائهم، من طريق صناديق الاقتراع في الانتخابات المقبلة.

يمثل القانون الانتخابي آخر عقبة تواجه المسار الانتخابي في تونس

مشروع قانون الإقصاء يخيم الآن على القانون الانتخابي، وهو فصل من مجموعة من الفصول تختلف كتل المجلس الوطني التأسيسي حولها. ومن أبرز النقاط الخلافية الأخرى، فصل متعلق بالدمج بين الانتخابات الرئاسية والتشريعية وآخر يتعلق بمرافقة الأميين إلى الخلوة الانتخابية.
ويمثل القانون الانتخابي آخر عقبة تواجه المسار الانتخابي في تونس، وهو ما جعل زعيم المعارضة الباجي قائد السبسي يعلن أن «إجراء انتخابات خلال العام الجاري مسألة شبه مستحيلة اليوم، وبالتالي إن الأقرب هو تأجيل الانتخابات إلى عام ٢٠١٥»، وهو ما يتعارض مع الدستور الذي أقرّ أن تكون الانتخابات خلال العام الجاري. لكن بعد تأجيل الحسم في القانون الانتخابي إلى شهر نيسان المقبل، فإن إجراء الانتخابات خلال هذا العام أصبح شبه مستحيل. وحسب عدد من الخبراء الذين أكدوا لـ«الأخبار»، فإنّ من المستحيل إجراء الانتخابات خلال العام الجاري؛ لأن المجلس الوطني التأسيسي لم يحسم إلى حد الآن المسائل الخلافية في القانون الانتخابي الذي كان يفترض أن يُعلَن خلال الشهر الجاري، وبالتالي إن تأجيله إلى الشهر القادم يعني بالضرورة تأجيل الانتخابات!
هذه المستجدات الجديدة خلقت حالة من الخوف في الشارع التونسي؛ فتنظيم الانتخابات في أقرب وقت ممكن ليس مطلباً شعبياً فقط، بل مطلب للدول التي ترعى التجربة التونسية. دول لا تخفي خوفها من استمرار الوضع «المؤقت» في تونس، الذي لا يمنح أي ضمانات لأيٍّ كان، لا للشركاء السياسيين ولا للمستثمرين الأجانب، فضلاً عن الوضع الأمني الصعب في ليبيا وفي الجزائر التي تواجه تحديات جديدة قد تؤثر مباشرة في الوضع بتونس. لهذه الأسباب، فإن زيارة رئيس الحكومة المؤقت مهدي جمعة للولايات المتحدة في الرابع من نيسان المقبل سيكون ملف الانتخابات إحدى أبرز نقاط البحث فيها؛ فالوضع المؤقت في تونس طال أكثر مما يجب، وترتبت عنه مشاكل أمنية وهيكلية وأمنية للنظام التونسي، وهي حالة غير مسبوقة منذ استقلال البلاد في ١٩٥٦.
كذلك إن خريطة الطريق التي تخضع لها كل التوافقات في البلاد، تنص على أن تكون الانتخابات في العام الجاري، وهو ما يبدو مستحيلاً اليوم، ما سيعيد الجدل حول التزامات الحكومة الجديدة التي يقودها مهدي جمعة. ويبدو أن مهدي جمعة لم تغب عنه الصعوبات التي ستواجه حكومته في تنظيم الانتخابات خلال العام الحالي، فبدا في جولة بين الجهات، شعارها تنفيذ خريطة الطريق في الإدارة بعزل كل الذين عينتهم حركة النهضة وحليفاها حزبا المؤتمر والتكتل، وذلك في إطار ما التزمه، وتحديداً فصل مراجعة التعيينات وتحييد الإدارة. لكن هل ينجح جمعة في مهمته، أم تبقى دعوته لتحييد الإدارة مجرد أحلام؟