قليلة هي المعطيات المتداولة عن وزير الدفاع المصري الجديد الفريق صدقي صبحي. لكن شحّ المعلومات هذا لم يحجب لحظة الإجماع على أنه أكثر ضباط الجيش المصري التصاقاً بالوحدات الميدانية، وأكثرهم نفوذاً في صفوف الألوية العسكرية. معروف بشدته وحزمه. دائم العبوس والوجوم. ولعل المادة المنشورة الوحيدة التي يمكن أن تعطي فكرة عن طريقة تفكيره ليست سوى رسالة الماجستير التي قدمها عندما كان يدرس في عام 2005 في كليّة الحرب الأميركية. في هذه الدراسة المكونة من 46 صفحة، والتي نشرها موقع تابع لوزارة الدفاع الأميركية، أكد صبحي، وكان وقتها برتبة عميد، أن «القوات الأميركية يجب أن تنسحب من الشرق الأوسط، وأن أي عملية لنشر الديموقراطية بالمنطقة يجب أن تنبع من الداخل، وأن تكون لها شرعية دينية».
وأضاف صبحي: «أوصي بأن يكون الانسحاب الدائم لقوات الولايات المتحدة من الشرق الأوسط والخليج هدفاً للاستراتيجية الأميركية في المنطقة». وأضاف، في التوصيات الختامية لرسالة الماجستير، أن «الولايات المتحدة يجب أن تعمل لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في المنطقة من خلال الوسائل الاجتماعية الاقتصادية، والتطبيق غير المنحاز للقانون الدولي، وأن وجود القوات الأميركية في المنطقة جرى استغلاله من جانب الإسلاميين الراديكاليين كتبرير للكفاح المسلح».

وتابع صبحي، في الورقة التي كتبها أيام رئاسة جورج بوش للولايات المتحدة، وقبل أن يعتلي الرئيس الأميركي باراك أوباما منبر جامعة القاهرة لإعلان عزمه على إحداث تغيير في السياسة الخارجية الأميركية في عام 2009: «هناك نقص كبير في التفاهم والاتصال بين صناع السياسة الخارجية في الإدارات الأميركية والحكومات في المنطقة، وصناع السياسة الأميركية يعملون في نظام ديموقراطي علماني صارم، لكن الدين الإسلامي مرتبط بشدة بدرجات مختلفة بأداء معظم الحكومات العربية ومجتمعاتها».
وأضاف صبحي: «إن عملية نشر الديموقراطية لا بد أن تمثل شرعية سياسية واجتماعية وثقافية ودينية، وبتعبير آخر هذه العملية لنشر الديموقراطية لا بد أن يكون لها أصل داخلي صرف وأن ينظر إليها على هذا النحو».
وختم صبحي: «لكي تستعيد واشنطن نفوذها، يجب أن تحول اهتمامها إلى مشروع مارشال جديد، يحاكي برنامج المساعدات الضخم الذي ساعد أوروبا في إعادة البناء بعد الحرب العالمية الثانية».
والفريق صدقي صبحي سيد أحمد عسكري مصري، من مواليد 1955، في مدينة منوف، في محافظة المنوفية. حاصل على بكالوريوس العلوم العسكرية من الكلية الحربية عام 1976، وماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان عام 1986، وزمالة كلية الحرب العليا الأميركية عام 2005.
بدأ الخدمة ضابطاً في 1 نيسان/أبريل عام 1976، وخدم في الجيش الثالث الميداني، وتدرج في الوظائف القيادية العسكرية، حتى قيادة الجيش الثالث الميداني عام 2009. تحمل مسؤولية تأمين محافظات السويس والبحر الأحمر وجنوب سيناء، التي تنتشر قوات الجيش الثالث داخلها، وكان على علاقة وطيدة بشيوخ القبائل البدوية في جنوب سيناء، فيما تأرجحت علاقته بين الشد والجذب مع ثوار السويس، ويوجه إليه هؤلاء انتقادات، بسبب الأحكام العسكرية الصادرة بحبس عدد منهم.
ويعرف الفريق صبحي بشدته وحزمه، وتقول صحف مصرية إنه لم يكن متساهلاً مع كل من يهين الجيش أثناء الأحداث التي شهدتها محافظة السويس، وإنه كان يطلب أن يحال كل من يسيء إلى رجال الجيش على النيابة العسكرية للتحقيق معه. لكنه مع ذلك كان يطالب جنوده بضبط النفس في تعاملهم مع المواطنين. ومن التصريحات التي نقلت عنه أثناء ثورة 25 يناير، تحذيره في آذار مما سماه «طابوراً خامساً يسعى لزعزعة الأمن وخلق الفتنة الطائفية». وقال وقتها: «إن المكاسب التي حققتها انتفاضة الخامس والعشرين من يناير مهددة بسبب استمرار الإضرابات والاعتصامات التي تعطل عجلة الإنتاج، وتصيب مؤسسات الدولة بالشلل».
في آب 2012، عينه مرسي رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة خلفاً للفريق سامي عنان، ليحل نائباً للسيسي في رئاسة المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
يحمّله «الإخوان» مسؤولية الفضّ الدامي لاعتصامي رابعة والنهضة.
يتحدث أحد قادة الفرق العسكرية في الجيش الثالث، لجريدة «الشروق»، عن قائده اللواء صدقي صبحي، فيقول: «إن اللواء لا يحب شيئاً في حياته مثل العمل، فهو لا ينام في اليوم سوى ساعتين فقط، ودائم التحرك بين وحدات الجيش، سواء خلال الليل أو النهار، وهذا ما يسبب له دائماً نوعاً من الإرهاق، وألزمه المرض فترة حتى نجح في استعادة عافيته».
الالتصاق بالوحدات العاملة في الميدان جعل صبحي القائد العسكري الذي يحتوي بقية القادة العسكريين، ويكون واسطة عقدهم، متفوقاً في ذلك على السيسي، الذي كان بحكم منصبه في إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع ملزماً بمراقبة ضباط الجيش، ما يجعلهم بنحو طبيعي في حالة توجس منه.
هذا الالتصاق بالضباط والقادة، زاد مع تولي صبحي لمنصب رئاسة أركان الجيش، بحكم ما يمليه هذا المنصب من تواصل يومي مباشر مع قادة الأفرع والجيوش والفرق والمناطق العسكرية.
هذه الجاذبية التي يمتلكها صبحي في السلك العسكري، لا يمتلك أي مثيل لها في الحياة المدنية، إذ لا يتمتع صبحي بأي كاريزما، وهو دائم العبوس والوجوم. وصبحي متزوج ولديه 3 بنات وولد واحد، وحامل لعدة أوسمة عسكرية.
(الأخبار)