أواخر الأسبوع الماضي، تداولت وسائل إعلام كويتية وخليجية عديدة، خبر تعرّض الكويت لابتزازٍ سياسي من قِبل بغداد، مشيرةً إلى أنّ «مراسلات ومحاضر رسمية أظهرت جلياً تعرُّض الكويت لابتزاز سياسي من قبل بغداد، من أجل الحصول على مساعدات مالية نقدية أو على شكل استثمارات لمساعدة الحكومة العراقية في الأزمة الاقتصادية الطاحنة، نتيجة انهيار أسعار النفط، التي تفاقمت أكثر مع تفشّي جائحة كورونا». وفيما نقلت تلك الوسائل عن مصادر قولهم إنّ «أبرز مظاهر هذا الابتزاز كان طلب الحكومة العراقية ــــــ قبل نحو شهرين ــــــ من الكويت المشاركة في مفاوضات الحدود البحرية الثلاثية بين الكويت والسعودية وإيران»، فقد دفع ذلك بالكويت إلى الرد بـ«رسالةٍ حاسمة، مفادها أنّه لا يحق لكم المشاركة في هذه المفاوضات».
في المقابل، وطوال الأيّام القليلة الماضية، لم يصدر عن الخارجية العراقية أي بيانٍ يوضح ما جرى. مصدرٌ دبلوماسيٌّ بارز أكّد في حديثه إلى «الأخبار» أنّ بغداد قدّمت اعتذاراً للكويت بعد تلك الرسالة وردّ الفعل الكويتي. وأسف المصدر من «قصور بعض المسؤولين العاملين في الوزارة، وافتقادهم لأصول العمل الدبلوماسي»، عادّاً ما جرى بـ«الخطأ غير المتعمّد».
لم ينكر المصدر ما نقلته وسائل الإعلام، لكنّه أكّد أنّها رسالة واحدة فقط، مشيراً إلى أنّ الأزمة المفتعلة مردّها إلى ثلاثة أسبابٍ رئيسيّة:
1 ـــــ الأزمة الاقتصاديّة الخانقة التي تعصف بالبلاد، ومحاولات الحكومة الاتحادية ورئيسها مصطفى الكاظمي إيجاد الموارد المالية اللازمة التي تُجنِّب البلاد انهياراً يلوح في الأفق.
2 ـــــ ضعف الدولة العراقية وافتقادها لرؤية واضحة تضبط إيقاع علاقتها مع الدول الأخرى، وتحديداً جيرانها. هنا، يبرز تسرّع البعض ــــــ وتحديداً في وزارة الخارجيّة ــــــ في توجيه تلك الرسالة، من دون الالتفات إلى نتائجها العكسيّة.
3 ـــــ عجز الدولة العراقية، إضافة إلى جيرانها، عن حسم أزمة الحدود المشتركة. فالعراق على خلافٍ مع دولة الكويت والجمهورية الإسلامية في إيران والمملكة السعودية، في هذا الإطار. أما الأزمة مع الكويت، فهي أكثر «حساسية»، لأنّها برية وبحرية في الوقت عينه. فبغداد تسعى إلى تعزيز حضورها على خريطة الشحن البحري، من خلال بنائها «ميناء الفاو الكبير»، وهذا ما يوتّر العلاقة مع الكويت الساعية إلى تعزيز وتطوير ميناء مبارك الكبير، الواقع في الضفّة المقابلة.
وفي هذا السياق، يطالب العراق بتعميق خور عبد الله، في الجهة العراقية، وهذا ما ترفضه الكويت رفضاً قاطعاً. هنا، يمكن فهم «خلفيّات» الانفعال الكويتي السريع، ومسارعة حكومة الكاظمي ـــــ في الوقت عينه ـــــ إلى الاعتذار وتأجيل «المشكلة».
الجانب الكويتي، وفق المعلومات، أبلغ الجانب العراقي أنّ «الصفحة الجديدة من العلاقات» تفرض تنازلاتٍ متبادلة، وبحثاً عن القواسم المشتركة، من دون الرجوع إلى «مواضيع خلافية». كذلك، تعهّد الجانب العراقي بتطوير العلاقات الثنائية، داعياً الكويت إلى الإيفاء بالتزاماتها في «مؤتمر إعادة إعمار العراق» (عُقد في الكويت مطلع عام 2018، راجع «الأخبار» 3808)، خصوصاً أنّ المرحلة تفرض على الجميع مساعدة العراق للخروج من أزمته.


انفجاراتٌ في بغداد
أكّدت «خليّة الإعلام الأمني» أنّ الانفجارات التي وقعت، أمس، في «معسكر الصقر» جنوب بغداد، وسُمعت أصواتها في معظم أرجاء العاصمة، مردّها إلى انفجار مستودع أعتدةٍ وذخائر تابعٍ لـ«الشرطة الاتحادية». ووفق البيان، فقد تزامن الانفجار مع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة إضافةً إلى سوء التخزين.
ويُعدّ المستودع جزءاً من قاعدةٍ عسكريّة تستخدمها كلّاً من «الاتحاديّة» وقوّات «الحشد الشعبي»، وقد سبق أن تعرّض العام الماضي ـــــ وفي توقيتٍ مشابه ــــــ لحادثٍ مماثل، تضاربت فيه روايات «السبب الحقيقي» لاشتعال النيران؛ إذ أعلنت بغداد أنّ ارتفاع درجات الحرارة وسوء التخزين تسبّبا في تلك الحرائق والانفجارات، في وقتٍ حمّلت فيه فصائل «الحشد» تل أبيب مسؤوليّة ذلك، مؤكّدةً أنّ طائرات العدو الإسرائيلي استهدفت بغاراتٍ جويّة مخازن السلاح والأعتدة.
وفيما التزمت مصادر أمنية و«حشدية» بالرواية الرسميّة، كان لافتاً جدّاً تداول ناشطين على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع مصوّرة لطائراتٍ مروحيةٍ، قيل إنها تابعة لقوات الاحتلال الأميركي، تُحلّق بشكلٍ دائري فوق القاعدة العسكرية.
مصادر مقرّبة من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أسفت لـ«سوء التخزين» المتّبع، في حين رجّح مصدرٌ أمني رفيع المستوى، في حديث إلى «الأخبار»، حوادث مماثلة في الأيام المقبلة، مع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، وموجة الحر التي ترزح تحتها البلاد.