متعب أنت من هذا التعب.. متعب من ضجر الأنثى واسمها الذي تردّده على مسامع الهواء كأنه اسمك.. متعب منها حين تناديك ككسل الشمس حين تغترب.. تجرب أنت المتيم بها، أن تفتح ظلك وتدخل به.. أن تنحني للأرض وصدرك مطلق نحو الأفق.. تجرب أن تحارب الحب بالحب.. أن تحبها أكثر.. أن تدفعها لتحبك أكثر.. لتهواك في تفاصيل مكانها.. أن تجدك كلما تلفتت..
الحلم.. لم يعد بوسع الحياة أن تمنح الحب الجنون.. اليوم تريد الحياة استهلاك الوقت.. والمضي نحو آخر رمق من ابتلاع الحب.. تحبها وتحبك.. تحبك وتحبها.. لكن ليس كما يريد الخمر من شاربه، أن يكون هادئاً في انتظار سكرته.. تقتلك أيها المتيم حربها مع نفسها لئلا تحبك أكثر.. لئلا تجنّ معك وتهواك.. وتشعرك أن الدنيا من دونك خواء.. هي لحظة تكفي العمر أن يضحك.. هي لحظة.. وبعد الصحو تدرك أن لا أبدية البتة.. تحبها.. البحر الذي تعرفه يدرك أنك تربأ بنفسك عنه لأنك غارق فيها حتى الصميم.. رغيف الخبز الساخن يذكرك بها.. طلعة الشمس في الصبح تشبه وجهها.. بل إن الشمس وجهها.. لا تغب عنها.. فثمة حب في الوقت ستذكره في مقام البكاء فيبكيك ويضحكك.. لا تغب عنها فالموج لاذع أنينه في رحلته الطويلة.. هنا الأبد.. هنا دموع كثيرة.. هناك صارت في العمق تلك الدموع.. هناك في العتمة باتت عيونهم.. حين كانوا ينامون على غيمة ويستيقظون مع ندهة المطر.. ويستغرقون في اللغة مع نسمة البرد.. هنا يسكرون، عند شاطئ يتوسل قبلة بينهم على جسده الغافل الرافع مقام الحب إلى نجمة ساهرة.. لا تغب عنها.. وفدا وحل الشوارع من يعشق أنثى ولا يعشق معها الكون ولا يغرق.. إن أحببت.. أحبب حتى النهاية.. عش جنونك والشرود.. واسكر من صوتها.. وارفع من قبلتها صلاة.. علمها الحب على طريقة الحب.. على طريقة ألّا أحد سواكما في هذا التاريخ وهذه الجغرافية الممتدة من الإله إلى الإله.. انظر إليها.. وانظر إلى تفاصيل نجمتها.. وارفق بجبهتها العالية.. فالله يداعبه الآن معك.. وسبع كواكب تطوف حولها.. وقمر يكمل وصف الحلم.. انظر إليها ولا تغب.. تريث في وصف حالتها.. فالتقلب سمة المطلق.. والانتظار انتهاز لحن يتوب صاحبه.. فتدعه يعزفه على طريقة الثواب.. انظر إليها مثلما ترى اللحن ينساب بتفاصيل الجدار.. فترى ما خلفه من شجر وأوراق مكتوبة.. كالشاطئ عند قلبك.. **** تريث الآن لأجل قلبك.. انتظر لتنتهي الشمس من إعداد نفسها للخروج إلى عرسها اليومي.. عرس للبنفسج.. وحدائق تطلع من بطنها وتسقيها السرة العطشى.. تريث.. وانتظرها تتم طقوس أنوثتها في الدلال كالزنبق يخرج على مهله ليداعبه الهواء وينتشي بقصد الوصول لعاشق يحمله لعشيقته.. تريث.. واكتب حكمتك في ولادة الحب.. متى كان.. وكيف؟.. أول الحب حب.. أول الحب كارثة.. أول الحب.. من مقام الجنون.. من يدرك هذا العقل المتفتح في نهر وبستان وجبل.. من يدرك قلباً يحلق وحيداً بعيداً.. وينسى سلم الصعود إلى...