مع وصول الإتصالات إلى منعطف حاسم، وما تواجهه من عقبات حالت حتى الآن دون الاتفاق على صفقة متكاملة تنطوي على تمديد المفاوضات وتحرير أسرى فلسطينيين، التقى وزير الخارجية الأميركية جون كيري أمس رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في تل أبيب التي وصلها امس في زيارة مفاجئة، على أن يزور ورام الله، عفي محاولة منه لمنع انهيار المحادثات، وتأتي بعد المواقف الحاسمة التي أطلقها قادة إسرائيليون يرفضون تحرير الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين، والحديث عن أيام حاسمة سوف توضح ما إن كانت الأمور ستتجه نحو صفقة أو الانفجار.
زيارة وزير الخارجية الأميركي رسمت لها السلطة الفلسيطينية سقفاً بتحذيرها من أنها قررت بدء خطوات الانضمام إلى منظمات الامم المتحدة في حال لم يحمل كيري جواباً واضحاً باطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين.
وفي السياق، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول إسرائيلي كبير، قوله إن «الولايات المتحدة قد تفرج عن الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد كوسيلة لدفع المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية».
وأضاف المسؤول، الذي لم يتم كشف هويته، «هناك احتمال بأن يكون الإفراج عن بولارد جزءا من اتفاق لتمديد مفاوضات السلام ولكن لا شيء نهائي حتى الآن».
وكما هي العادة، تحدثت تقارير إعلامية إسرائيلية عن أن كيري سوف يمارس ضغوطاً على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لقبول الاقتراح الأميركي بتمديد المفاوضات لمدة ستة أشهر، مقابل تحرير أسرى من الجانب الإسرائيلي، على أن يناقش مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فكرة تجميد «هادئ» للبناء الاستيطاني، ونقل مناطق «ج» إلى السلطة الفلسطينية، كما لفت موقع «واللاه» العبري إلى أن وزير الخارجية الأميركي سيحاول التوصل إلى اتفاقات شفهية فقط، مشيراً إلى أن نقطة الخلاف الأساسية بين الطرفين تتمثل في تحرير فلسطينيي 48، وتجميد البناء في المستوطنات، وهي القضايا نفسها التي مثلت عقبة الصيف الماضي أمام استئناف المفاوضات، إذ طالب الفلسطينيون حينها بتحرير الأسرى الأمنيين منذ ما قبل اتفاق أوسلو، أو استبدال ذلك بتجميد تام للاستيطان ما وراء الخط الأخضر، لكن نتنياهو وافق على الطلب الأول، ورفض أن يضم الأسرى الفلسطينيين المحررين، أي من فلسطينيي 48، وايضاً بحسب موقع «واللاه».
في السياق، تحدثت تقارير إسرائيلية أخرى، عن أن الثمن المطلوب لتمديد المفاوضات يراوح بين تحرير بضع مئات من الاسرى الفلسطينيين، أو تجميد البناء خارج الكتل الاستيطانية، على أن يقرر نتنياهو أيهما أقل ضرراً عليه، في ضوء التجاذبات السياسية الداخلية. وتوضح التقارير نفسها أن الحديث يدور عن تمديد للمفاوضات لا يتجاوز الستة اشهر، وأن اسرائيل أعربت عن استعدادها لتحرير بضع مئات من الأسرى الذين لا يعارض الشاباك ومصلحة السجون تحريرهم، والذين هم غير مدانين بعمليات أدّت إلى مقتل إسرائيليين، كما تصر إسرائيل على أنها هي التي تحدد هوياتهم.
«يديعوت أحرونوت» أوضحت أن الفلسطينيين يطالبون بتحرير 1000 أسير فلسطيني، كما تطرح إمكانية أخرى بأن تحرر إسرائيل أسرى آخرين، على أن يُبعَد الخطيرين منهم إلى الدول العربية حتى نهاية فترة محكوميتهم.
على صعيد آخر، وغير بعيد من الحرب النفسية التي تحاول إسرائيل شنها على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، تعمدت إذاعة الجيش الإسرائيلي الحديث عن أن وزير الاقتصاد نفتالي بينيت يتزعم تياراً يرغب في اعتقال أو ابعاد الرئيس عباس، وإضعاف السلطة تمهيداً لانهيارها عبر خطوات اقتصادية ضاغطة، فيما تقف الوزيرة ليفني بشدة ضد هذا الخط.
لكن مصادر الجيش الإسرائيلي توقعت أن يخضع عباس في نهاية المطاف لمطالب واشنطن وتل أبيب، وأن يقبل تمديد المفاوضات مقابل الأسرى وبعض التحسينات في الضفة، فيما تلوح في الأفق عصا العقوبات والمستقبل الشخصي لعباس وحاشيته.
في الجهة المقابلة، أعلن مسؤول فلسطيني في رام الله أمس، أن الفلسطينيين يرفضون الاقتراح الإسرائيلي بتمديد مفاوضات السلام المتعثرة، لما بعد موعدها النهائي المقرر في 29 من نيسان المقبل، ويرون أن هذا الأمر «ابتزاز» لهم.
وقال المسؤول إن «إسرائيل تمارس سياسة الابتزاز، وتربط قبولها الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى مقابل إعلان الجانب الفلسطيني قبوله تمديد المفاوضات»، كما أوضح أن إسرائيل قدّمت عرضاً «رفضه الجانب الفلسطيني»، مشيراً إلى أنه تضمن «الإفراج عن 420 أسيراً تختارهم إسرائيل، لم تصدر بحقهم أحكام مشددة، ولا يتضمن الإفراج عن الأسرى المرضى والقادة، ومنهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات والأطفال والنساء».
إلى ذلك (أ ف ب، الأناضول) أفاد مسؤول فلسطيني في ملف الاستيطان، بأن السلطات الإسرائيلية أصدرت أوامر بمصادرة نحو 300 دونم من أراضي الفلسطينيين في بلدة جالود، جنوب نبالس، شمالي الضفة الغربية، لإقامة مشروع استيطاني جديد.
وقال المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل «عدالة» في تقرير، إن السلطة الإسرائيلية تواصل بيع ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين في إسرائيل، على الرغم من أن هذا الأمر محرّم بموجب القانون الدولي. وورد في التقرير: «لقد نشرت سلطة أراضي إسرائيل 84 مناقصة، لبيع أملاك لاجئين فلسطينيين خلال عام 2013»، مشيراً إلى أنه في الفترة ما بين الأعوام 2007 ــــ 2013 بيع بهذه الطريقة أكثر من 750 من أملاك اللاجئين، دون أن يحدد أماكن المناقصات.