نجح البرلمان المصري في تسجيل «إنجاز» للحكومة والرئاسة، بعدما وافق على 339 قانوناً خلال جلساته في الأيام الماضية، تنفيذاً للنص الدستوري الذي ألزم المجلس مراجعة جميع القوانين الصادرة في غيابه خلال حكم الرئيسين عدلي منصور وعبد الفتاح السيسي. لم يعترض النواب إلا على قانون واحد فقط هو «الخدمة المدنية» المنظم لطبيعة عمل الموظفين في الأجهزة الحكومية. وافق النواب على إلغاء القانون، ولكن مع الإبقاء على الآثار المترتبة عليه خلال تطبيقه منذ صدوره في آب الماضي حتى جلسة الأمس.
إلغاء القانون أربك حسابات حكومة المهندس شريف إسماعيل، خاصة بعد المحاولات القوية التي بذلتها الحكومة، ممثلة في وزيري التخطيط أشرف العربي، والشؤون القانونية ومجلس النواب مجدي العجاتي. لم تنجح كل المحاولات بتمرير القانون، ما اضطر رئيس المجلس، علي عبد العال، إلى رفع الجلسة 30 دقيقة، لم تنجح فيها أيضاً محاولات الحكومة مع النواب لتمرير القانون.
القيادي في «ائتلاف دعم مصر»، الوزير السابق أسامة هيكل، حاول إقناع النواب بتمرير القانون وتشكيل لجنة تعديل المواد الخلافية فيه، خاصة أن رواتب العاملين في الدولة قد تتوقف عن الشهر الجاري في حال رفض القانون، وذلك من أجل إعداد الرواتب على القانون القديم، وهو ما رفضه النواب. كذلك أعلن الوزير العجاتي تأجيل نشر قرار رفض القانون في الجريدة الرسمية لإرجاء تطبيقه حتى تصرف رواتب الموظفين.
لذلك، إن إخفاق الائتلاف في تمرير القانون برغم وجود أكثر من 300 نائب ضمن إطاره، هو الضربة الثانية بعد عجزه عن تمرير ما يريد، وذلك عقب خسارته منصب أحد الوكيلين في الانتخابات التي جرت خلال أولى الجلسات، وسط توقعات أخرى سرت بتفكك الائتلاف خلال التصويت على القوانين المثيرة للجدل.
كان عبد العال خلال التصويت يقرأ عنوان القانون دون تفصيله

في السياق، قال نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب «الوفد» أحمد السجيني، إن الهيئة البرلمانية للحزب ستشكل لجنة خماسية للمراجعة النهائية لمشروع قانون جديد للخدمة المدنية ليكون بديلاً من الذي رفض، مشدداً على أنه «لا يمكن رفض القانون ثم ترك الأمر في حالة من الفوضى. يجب أن يسارع النواب في إيجاد قانون بديل ينظم العمل في الجهاز الإداري للدولة».
أما القوانين التي مررها المجلس خلال الأيام الماضية، فإن عدة قوانين منها تحمل شبهة عدم دستورية، أبرزها تعديلات قوانين الجامعات، وإقالة مسؤولي الأجهزة الرقابية، والأخير هو القانون المثير للجدل ويسمح لرئيس الجمهورية بإقالة رؤساء الهيئات الرقابية وفقاً لضوابط محددة.
كذلك جاءت الموافقة على القرار بقانون رقم 198 لسنة 2014 الخاص بالثروة المعدنية مخالفاً للدستور، لأنه رفض أثناء انعقاد إحدى جلسات المجلس، ومن ثم فإنه دستورياً قد سقط، ولا بد من إعادة وضع قانون جديد، ثم التصويت على القانون بنداً بنداً، ولكن ذلك لم يحدث أثناء الجلسة التي صوت النواب فيها لرفضه. كذلك طالب الوزير العجاتي بإعادة التصويت من «أجل مصلحة البلاد»، وإثر ذلك أعيد التصويت خلال دقائق، وأيضاً الموافقة.
في هذا الوقت، طالب عدد من النواب بفتح باب المناقشة على تعديلات قانون الطعن بالاتفاقات التي تبرمها الحكومة وتحظر الطعن من المواطنين، لكن القانون جرى تمريره بتصويت الأغلبية، علماً بأن غالبية القوانين كان رئيس المجلس يقرأ عنوانها فقط ولم يفتح باب المناقشة فيها جميعاً، مستنداً إلى دراسة النواب داخل اللجان للقوانين قبل الجلسة العامة للتصويت!
وشهدت جلسات البرلمان، التي لم تذع على الهواء مشادات وسجالات بين النواب وغياب سيطرة عبد العال على مجريات الجلسات بوضوح، بالإضافة إلى طرده ثلاثة نواب من الجلسة المسائية مساء أول من أمس في سابقة هي الأولى من نوعها منذ انعقاد البرلمان.