صنعاء | لم يتوقف القصف المدفعي اليومي على مدينة الدريهمي جنوبي مدينة الحديدة خلال الأيام الماضية، بفعل تملّص الميليشيات الموالية للإمارات في الساحل الغربي من مقتضيات جهود التهدئة التي قادها المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، خلال زيارته الأخيرة إلى كلّ من صنعاء والرياض. وتشير التطوّرات في محيط الدريهمي، التي عانت من حصار خانق طيلة العامين الماضيين، إلى أن تلك الميليشيات تَتّجه نحو التصعيد العسكري لاستعادة ما فقدته مطلع الشهر الحالي من مكاسب على الأرض، بعد تَمكّن قوات صنعاء، في خلال عملية عسكرية استمرّت 36 ساعة، من السيطرة على مناطق في غرب الدريهمي وشرقها، وأهمّها منطقة الجارحة (غرب)، التي كان يُمنع عبرها دخول الدواء والغذاء والوقود إلى المدينة. كذلك، أسفرت العملية عن تحرير أكثر من 100 مقاتل من مقاتلي الجيش واللجان الشعبية، كانوا صمدوا طيلة عامين هناك، وصدّوا عشرات الهجمات. وفي أعقاب تأمين الدريهمي، تمّت إغاثة آلاف الأسر التي كانت تَعرّضت لحصار خانق، لكن الميليشيات الموالية للإمارات عاودت التصعيد خلال الأيام القليلة الماضية، بشنّها هجمات شبه يومية على المدينة من أطرافها، على رغم التزام حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، بالتهدئة في جنوب الحديدة. ووفقاً لمصادر حقوقية في الحديدة، فقد عمدت تلك الميليشيات، أخيراً، إلى استهداف أيّ تحرّكات إغاثية في غرب الدريهمي وشرقها بالأسلحة المتوسّطة والثقيلة، لتعيد محاصرة المدينة التي تَنفّست الصعداء لأيام محدودة فقط مطلع الشهر الحالي، وهو ما من شأنه مضاعفة معاناة عشرات الآلاف من السكان الذين رفضوا النزوح خلال العامين الماضيين، وكابدوا أسوأ الأوضاع الإنسانية آنذاك، حتى اضطرّ بعضهم إلى أكل أوراق الشجر، بعدما نفد الغذاء، وفشلت بعثة الأمم المتحدة في الحديدة في تمرير أيّ مساعدات إغاثية طارئة إليهم.
وخلال الأيام القليلة الماضية، تصاعدت خروقات وقف إطلاق النار في جنوب غرب مدينة الحديدة إلى أكثر من 1000 خرق، ودارت مواجهات مسلّحة عنيفة بين قوات صنعاء التي لا تزال في موقع الدفاع (لم تذهب هذه القوات، بعد فكّها الحصار عن الدريهمي، إلى أبعد من ذلك)، وبين الميليشيات الموالية للإمارات في حيس والدريهمي والجبلية والتحيتا وأطراف مدينة الحديدة، حيث استُهدفت عشرات المنازل في منطقة كيلو سبعة شرق المدينة، وأصيب عدد من سكّانها. ويأتي هذا التصعيد بعد يومين من دعوة غريفيث إلى وقف فوري لإطلاق النار في جبهات الحديدة، واعتباره في بيان أن «تصاعد الأوضاع عسكرياً في جنوب الحديدة لا يمثّل انتهاكاً لاتفاقية وقف إطلاق النار في الحديدة فحسب، بل يتعارض مع روح المفاوضات القائمة التي ترعاها الأمم المتحدة للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار في أنحاء اليمن كافة، وتدابير إنسانية واقتصادية، واستئناف العملية السياسية».
وتعزو مصادر محلية، في حديث إلى «الأخبار»، التصعيد الأخير إلى الصراع بين أطراف «التحالف» في الساحل الغربي، موضحةً أن عملية الدريهمي، التي أدّت إلى سقوط لواء عسكري كامل بكلّ عتاده ورجاله مطلع الشهر الحالي تحت سيطرة الجيش واللجان، فَجّرت نزاعاً بين «ألوية العمالقة» الجنوبية، وقوات طارق محمد عبد الله صالح (نجل شقيق الرئيس السابق)؛ بفعل اتّهام الأولى، الأخيرة، بـ»الخيانة»، علماً بأن ميليشيات صالح تحاول راهناً استعادة ما فقدته الميليشيات الجنوبية من مكاسب. وفيما لم تعلن صنعاء، رسمياً، تفاصيل معركة الدريهمي الأخيرة، تحدّث زعيم حركة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، أمس، بشكل موجز عن المعركة، مُرحّباً بالمُحرَّرين من حصار الدريهمي، الذين استقبل الآلاف من المواطنين أكثر من 100 منهم مطلع الأسبوع الماضي.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا