ريف دمشق | معارك عنيفة لم تتوقّف في الغوطة الشرقية، منذ أن بدأ الجيش السوري عمليته العسكرية في كل من جوبر والمليحة وعدرا العمالية. لكن القصف والاشتباكات تركّزا في جوبر والمليحة، المنطقة التي أحرز فيها تقدّماً بعد مرور أقل من 24 ساعة.
غزارة النيران التي وجّهها الجيش نحو تجمّعات المسلّحين في المنطقتين بالمدفعية الثقيلة والطائرات الحربيت، لا تزال تلحق خسائر كبيرة في صفوف المسلّحين وتمنعهم من التمركز. حدّة المشهد العسكري أمس، تشبه الأيام الأولى من عملية «درع العاصمة» في منتصف العام الماضي.
وواصل الجيش أمس محاولات اقتحام المليحة من جهة حاجز النور ومن المداخل الجنوبية للبلدة، فيما حشدت فصائل المسلّحين قسما كبيرا من قواها في البلد لصد هجمات الجيش المتكرّرة. اشتباكات عنيفة شهدتها البلدة في ظل تقدّم الجيش. وفي السياق، أكّد مصدر ميداني لـ «الأخبار» أن «المنطقة الممتدّة من حاجز النور حتى الساحة الرئيسية في بلدة المليحة تحوّلت إلى ساحة اشتباك في ساعات الصباح الأولى»، مشيراً الى أن عدداً كبيراً من مسلّحي «جبهة النصرة» و«فيلق الرحمن» قتلوا في الاشتباكات. في المقابل، شنّ المسلّحون هجوماً معاكساً لسحب جثث قتلاهم، فوجّه الجيش ضربات شديدة نحوهم، ما أدّى إلى تراجعهم سريعاً إلى ما بعد ساحة البلدة، التي وصلت وحداته اليها. وفرّ بعض المسلّحين باتجاه بلدة زملكا في عمق الغوطة.
واستخدم الجيش الأسلحة الثقيلة في تلك المواجهات، وبالأخص سلاح الجو الذي نفّذ ثماني غارات على تجمّعات المسلحين في البلدة.
مصدر عسكري شرح لـ «الأخبار»: «الهدف القريب لهذه العملية يتمثّل باستعادة حي جوبر وبلدة المليحة، هذا أقل ما نطمح إليه بعد الانتصار في القلمون». ويؤكّد المصدر أن الوضع العسكري في ريف دمشق الآن «أفضل بكثير» مما كان عليه قبل أقل من عام، يوم انطلقت عملية «درع العاصمة»، وأن الخيارات أمام المسلّحين المتشدّدين في الغوطة الشرقية، بالأخص خيارات «جبهة النصرة»، باتت ضيقة، «فأبواب القلمون، بما كانت تؤمنه من دعم أصبحت مغلقة بوجه هؤلاء، والتسويات في الريف الجنوبي تضيّق الخناق عليهم»، يقول المصدر. ومع انطلاق عملية الجيش الأخيرة في الغوطة، لم يبق أمام المسلّحين من خيارات إلّا «الانسحاب بالتدريج نحو ريف حمص شمالاً، وهذا خيار مستبعد لكون الجيش يحرز انتصارات بالجملة هناك، أو الفرار نحو المنطقة الجنوبية، درعا، عبر البادية السورية، وهو الأمر الأرجح»، يتابع المصدر.
مصادر «الأخبار»: الجيش سيحرّر بلدة الصرخة في القلمون خلال ساعات

في موازاة ذلك، واصل الجيش على أطراف حي جوبر استهداف نقاط تجمّع المسلّحين بالمدفعية الثقيلة وسلاح الجو، واستمرّت الاشتباكات براً في نقاط التماس على امتداد المحور، الذي يفصل أراضي الغوطة عن دمشق. بالتوازي مع ذلك، شنّت الطائرات الحربية غارتين جويتين على مدينة دوما، ما أدّى إلى مقتل عدد من المسلّحين وجرح العشرات. فيما استمرّ القصف على تجمّعات المسلّحين في بلدات زملكا وجسرين وكفربطنا ووادي عين ترما، في عمق الغوطة. ويرى المتابعون أن الجيش يسعى إلى منع مسلّحي المناطق الواقعة في عمق الغوطة من الانتقال إلى أطرافها المتاخمة لدمشق، حيث تدور الاشتباكات برّا، «وذلك من خلال توسيع نقاط الاقتحام على طول محاور التماس وتكثيف القصف المدفعي والجوي». مصادر مطلعة أكّدت لـ«الأخبار» أن هذا الأمر أثار خلافات لدى قيادات «جيش الإسلام»، وانقساما في الآراء بينهم: «بعضهم ارتأى مساندة مسلّحي «فيلق الرحمن» في المليحة، أمّا الآخرون، ففضّلوا بقاء فصائل المسلّحين على مختلف الجبهات». وقالت مصادر عسكرية إنّ وحدات الهندسة التابعة للجيش فكّكت 38 عبوة ناسفة، كان قد زرعها المسلّحون على مداخل دوما، من جهة مزارع عالية، فيما بدا أنّه إجراء احترازي، خوفاً من قيام الجيش بعملية اقتحام لدوما، كما عثر الجيش على نفق بطول 200 م يمتد من حرستا إلى ضاحية المجد المجاورة لها.
وفي القلمون، شمالي ريف دمشق، قالت مصادر عسكرية لـ«الأخبار»، إن «الجيش على وشك استعادة قرية الصرخة، خلال ساعات وذلك ريثما يتمكّن من تأمين محيطها الغربي الذي لا يزال يشهد اشتباكات متقطّعة».
الهجوم العنيف الذي يشنّه الجيش في ريف دمشق، قابله سقوط كثيف لقذائف الهاون على أحياء مختلفة في العاصمة من قبل المسلّحين، حيث سقطت 4 منها في حي الدخانية المجاور لجرمانا، وأودت بحياة 6 أطفال وجرح ثمانية مواطنين. وبحسب مصادر متابعة يكون عدد الأطفال الذين قضوا بقذائف الهاون في الشهر الأخير في دمشق ومحيطها نحو 27، وعدد الجرحى من الأطفال تجاوز الـ55. وسقطت ثلاث قذائف أخرى في حي القصاع بالقرب من برج الروس، وقذيفة بالقرب من حديقة الجاحظ، وقذيفتان في محيط ساحة الأمويين، وأخرى في ضاحية حرستا. وأدّى سقوط تلك القذائف إلى مقتل عدد من المواطنين وجرح العشرات. مصدر عسكري أكّد لـ«الأخبار» أن «مصدر كل تلك القذائف من المليحة وبقية مناطق الغوطة الشرقية، وأن الهدف منها الضغط على الجيش السوري لوقف تقدّمه في تلك المناطق».