القاهرة | تزوير فجّ أظهرته نتائج انتخابات مجلس النواب المُعلَنة أمس، وأضْفَت «الهيئة الوطنية للانتخابات» الشرعية عليه بصورة غير مسبوقة في تاريخ القضاء، وهو ما أعاد شبح تزوير انتخابات 2010 إبّان حكم محمد حسني مبارك، والذي كان من أهمّ أسباب «ثورة يناير». صحيح أن عشرات المرشحين دفعوا الملايين للجهات الأمنية التي أعدّت قوائم الترشّح، لكن بقي رهانُ بعضهم على قاعدتهم الشعبية، والتي لم تشفع لهم هذه المرّة.بموجب الدستور والقانون، جرت الانتخابات تحت إشراف قضائي كامل، بواقع مسؤولية قاضٍ عن كلّ صندوق، لكن القانون المُنظِّم للعملية، والذي يجعل «الهيئة الوطنية» صاحبة الحق الوحيد في إعلان أيّ نتائج ومنع اللجان العامّة والفرعية من إعلان نتائجها كما كان يحدث من قبل، جعلت الهيئة موضع التلاعب الرئيس، بعدما جرى التمهيد للتزوير من أجل إنجاح مرشّحي حزب «مستقبل وطن»، أو على الأقلّ ضمان دخولهم جولة الإعادة.
جزء من التلاعب وثّقه النائب الخاسر محمد فؤاد، بعدما حصل على محاضر الفرز في 129 لجنة انتخابية من أصل 134 لجنة في دائرته في محافظة الجيزة، ليَظهر أنه واحد من أربعة كان يفترض أن يدخلوا جولة الإعادة، وهو ما خالف الأرقام التي أعلنها رئيس اللجنة العامة، المستشار ناجي شحاتة، المعروف بدعم النظام وبتغيير نتيجة انتخابات دائرة الدقي والعجوزة في انتخابات 2015 لإقصاء الدكتور عمرو الشوبكي من الفوز، مع أنه صدر حكم قضائي لم يُنفّذ ببطلان النتيجة بعد إثبات خطأ الأعداد وطريقة الحساب التي اعتمدها. ولم يكن فؤاد، المعروف بمواقفه المعارضة نسبياً لعدد من القرارات الحكومية، وحده، ضحية التزوير، لكنه الوحيد الذي أعلن حتى الآن اعتزامه الطعن أمام القضاء الإداري بصورة عاجلة في النتيجة المعلنة «لما شابها من مخالفات جسيمة». وعلى رغم أن فؤاد عضو في «الحزب المصري الديموقراطي» الذي يُنسّق مع الأمن في أمور جوهرية لضمان البقاء في المنطقة الآمنة، إلا أن مواقفه في بعض الأزمات هي التي تقف ــــ على ما يبدو ــــ وراء إقصائه. أما الصحافي عبد الرحيم علي فجاء إقصاؤه مفاجئاً بخسارته مقعد الدائرة، وهو ما يرتبط بالتسريبات الصوتية التي انتشرت له صباح الانتخابات وفيها «إساءة» لشخصيات عدّة في الدولة.
هكذا، اختار النظام تمرير التزوير عن طريقتين: الأولى، اللجان العامة والتلاعب فيها بمساعدة بعض القضاة، إلى درجة أن قاضياً أُقصي في منتصف اليوم الثاني أثناء الإشراف على الانتخابات ومُنع من الحديث إلى الإعلام، فيما وُضع آخرون في لجان بعينها لتمرّ اللمسات النهائية للتزوير بيد قضاة يُفترض بهم تحقيق العدل؛ أمّا الطريقة الثانية، فجاءت بالحشد في الساعات الثلاث الأخيرة في بعض اللجان، ووفق ترتيبات معدّة مسبقاً غَيّرت شكل الدوائر الانتخابية بعد التعديلات المدخَلة على القانون قبل أسابيع من الانتخابات، وأيضاً بضخّ ملايين الجنيهات للحشد المركّز في الساعات الأخيرة.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا