أقرّت وزارة الداخلية البحرينية بوجود قوات من الدرك الأردني في البحرين، وكذلك فعلت عمّان. أحد لم يستطع تكذيب الوثائق التي نشرها موقع «مرآة البحرين»، والتي تثبت بالدليل القاطع وجود وحدات من الدرك الأردني في الأجهزة الأمنية البحرينية.الصحف الأردنية أبرزت التفسير الرسمي لوزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني، بأن سبب وجود هذه القوات في المنامة هو «التدريب».

حجة كاذبة، تشبه ما يعرف بحجة رجل القش (Straw man argument).
ورجل القش في الفضيحة الأمنية لوثائق 499 من الدرك الأردني العاملين في الأجهزة الأمنية البحرينية، هو «المدرب الدركي». فهذا المدرب شخصية وهمية غير حقيقية مثل رجل القش، الذي يصنعه المزارعون لإيهام الطيور كي لا تقترب من المحصول. يريد الإعلام الأردني والبحريني أن يوهمنا بأن رجل الأمن الدركي، لم يأت البحرين ليقمع الاحتجاجات، وأنه لم يشارك في تعذيب البحرينيين، ولم يقتلهم من أجل المال في قضية لا تخصه (الارتزاق). يريد أن يوهمنا هذا الإعلام المدموغ بالوثائق أن الدركي ليس دركيا في وظيفة (جلاد، معذب، استخبارات، قوات مكافحة شغب، سجان، ضابط أمن) إنه مدرب، مجرد مدرب يطور مهارات مهنية من أجل رفع مستوى التعامل مع المحتجين البحرينيين السلميين، الذين لم يتركوا ساحاتهم منذ 14 فبراير 2011.
تلك حجة لا تملك وزن حتى القش، لفرط هشاشتها وضعفها، يسقطها هواء حركة أوراق الوثائق التي جرى كشفها بالأسماء وأرقام حساباتهم والمرتبات العالية (متوسط 3000$).
سجّلت البحرين
معدّلا شاذا واستثنائيا في أعداد الشرطة
التدريب يُجرى عادة على أيدي خبرات عريقة، واختصاصيو التدريب يشغلون مناصب الصفوة، بمعنى هم خلاصة التجارب والخبرات، إن كانوا صادقين، فلينشروا مؤهلات 499 دركياً. لو افترضنا أن لكل 100 متدرب من قوات الأمن اختصاصياً دركيا من الأردن، فهذا يعني أن هناك 49900 يحتاجون إلى تدريب، من قبل الدرك الأردني، إنه عدد كبير بالنسبة إلى البحرين. هذا يعني أن القوى الأمنية تعادل 10٪ من تعداد السكان، يعني المعدل عنصر أمن لكل 10 من السكان. من جانب آخر، من المعروف أن أعداداً كبيرة من قوات الأمن لا تتقن غير لغة الأوردو، وهذا يعني أنها بحاجة إلى مدربين من جنسيات باكستانية لا أردنية. وكان الملك قد زار باكستان الشهر الماضي، وأجرى محادثات أمنية لاستقدام مزيد من قوى الأمن من المرتزقة. وربما يكون من المقنع أن يستخدم حجة التدريب من أجل استكمال الخبرات الأردنية مع الباكستانية، من أجل إنتاج تجربة بحرينية فريدة. وفق تقرير معهد السلام والاقتصاد، فقد سجّلت البحرين معدّلا شاذا واستثنائيا في نسبة أعداد الشرطة إلى عدد السكّان، لتكون الأعلى في العالم من دون منازع! وقال التقرير إن البحرين تعد «ناشزا» على المقياس بأكمله، حيث بلغ مؤشرها هذا 6 أضعاف المتوسّط العالمي، الذي يبلغ 361 شرطيا لكل 100 ألف شخص! وبحسب المؤشر، فهناك في البحرين 2166 شرطيا لكل 100 ألف شخص!
إن فضيحة القوائم الأمنية، تؤكد هذا النشاز، بمعنى أن نشاز نسبة الدرك في البحرين بالنسبة إلى عدد السكان، يجد تفسيره في استيراد الشرطة المرتزقة من شتى البلدان، وأن هذا العدد الناشز يؤكد وجود قوائم باكستانية وسورية ويمنية وبلوشية، وهي البلدان التي تأتي منها قوى الأمن، وتمثل في المحصلة الجيش والشرطة والأمن الوطني. وكان رئيس اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق محمود شريف بسيوني قد قال في تقريره، إن بعض التقديرات تشير إلى «وجود عدد كبير من رعايا العراق والأردن وسوريا وباكستان واليمن يعملون ضمن قوات الدفاع» (الفقرة 51). وقد سبق لوزير الداخلية أن صرح لقناة العربية في (19 تشرين الأول 2011): «تصور أني قمت بتوظيف كتيبة حفظ نظام سنية، أو كتيبة حفظ نظام من الشيعة، ثم طلبت منهم التحرك لمعالجة أمر ما في أحد المواقع، أو إحدى القرى، ألا تعتقد أني في هذه الحالة خلقت مشكلة أكبر من أن أعالجها».
تصريح وزير الداخلية يبرر استعانته بالأجانب، ولا يشير أبدا إلى مهمة التدريب، وهذا يؤكد أن القوات التي تأتي ليست للتدريب، وأن مهمة التدريب تعلمتها السلطة البحرينية من كراس بسيوني، الذي جعلها من ضمن توصياته (1722/هـ) أن «تقيم الحكومة بصورة عاجلة، وأن تطبق على نحو قوي، برنامجاً لاستيعاب أفراد من جميع الطوائف في قوى الأمن»، بـ «القدرة الاستيعابية لمراكز التدريب والأجهزة الأمنية والاحتياجات الفعلية والعملية للأجهزة الأمنية وموازناتها المعتمدة». لكنها بدلا من أن تطبق توصية بسيوني، بجعل الأمن يستوعب جميع الطوائف، وبتدريب الأمن تدريبا مهنياً، حولت توصية التدريب الى حجة قش لاستقدام المزيد من قوات الأمن من المرتزقة استقداماً ناشزاً. ناشزا في العدد وناشزا في أساليب العنف، التي زادت قسوة بعد تقرير بسيوني.
ما قاله وزير الداخلية في 2011 سيقوله عن قوائم الدرك الأردني بعد حين «ليس لدينا مرتزقة، نحن لدينا إخوان يعملون منذ سنين، وهذا الأمر ليس بجديد، ومنهم من تجنّس واليوم أولادهم يعملون في وزارة الداخلية»، إنهم إخوان وزير الداخلية لا مدربو وزارة الداخلية. وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت في (13 مارس/ آذار 2011)، في سياق مواجهة الاحتجاجات، بدء استقبال طلبات شغل 20 ألف وظيفة عسكرية، وتندرج تحت مسمى «الخدمات الشرطية». أين ذهبت هذه الوظائف؟ اسألوا الدرك الأردني؟