لم يصمد النظام أمام الحملة الخارجية لإخراج الموقوفين الثلاثة
من جهة أخرى، عاد مؤسّس «المبادرة» ومديرها التنفيذي، حسام بهجت، الذي أعلن مغادرتها منذ سنوات تحت وطأة الضغوط الأمنية، للظهور في الواجهة بصفته مسؤولاً عن الإدارة عقب توقيف جميع قياداتها، علماً بأنه ممنوع من السفر منذ أربع سنوات جرّاء اتهامات مشابهة حول نشاطه الحقوقي، ما منعه من تسلّم جوائز دولية حصل عليها عن نشاطه الحقوقي والصحافي. وبينما استطاعت الدولة إجبار مدير «مركز القاهرة للدراسات»، بهي الدين حسن، على مغادرة «المحروسة» ثم خروج المركز من تونس وتنقل مؤسسه بين المدن الأوروبية، فإن «المبادرة المصرية» التي يعمل القائمون عليها على تدقيق تحركاتهم وأوراقهم لا يرغبون، بدورهم، في الرحيل تحت أيّ ظروف، ويقولون إنهم مستمرون في العمل من الداخل على رغم استمرار المضايقات.
في غضون ذلك، تباشر الأجهزة الأمنية حملات واسعة لمراقبة نشاط «المبادرة» والتضييق على المحامين الذين يتعاونون معها بصورة غير مسبوقة. لكن نتيجة هذه المراقبات لم تسفر عن اتهامات حقيقية، وخاصة مع استيفاء الأوراق اللازمة لدى الجهات الحكومية، الأمر الذي يحوّل المشكلة بين «المبادرة»، ومن خلفِها داعموها في الخارج، وغالبيتهم حقوقيون مطاردون، وبين الدولة ممثلة في الأجهزة الأمنية والقضائية، إلى معركة قانونية على الأوراق التي يجب استيفاؤها كافة، وهو ما يعمل عليه المحامون في «المبادرة» بصورة منتظمة. في النتيجة، لم يبقَ في مصر سوى جهات محدودة تعمل خارج سيطرة الدولة ضمن المجالَين الحقوقي والقانوني، وهذه «المبادرة» تحصل على دعم وتمويل مادي أوروبي وبرامج مختلفة تحظى برعاية من الجامعة الأميركية، ما يوفّر لها غطاء للعمل قانونياً في المجال البحثي من دون التعمّق في الجانب السياسي أو التحليلي. وثمة رهان لدى الحقوقيين المعارضين على السياسة التي سيتبعها الرئيس الأميركي المنتخَب، جو بايدن، تجاه مصر، في موازاة مراقبة ما إذا كان سيكتفي بالضغط عبر التصريحات الدبلوماسية بلا تحوّل فعّال في السياسة الأميركية تجاه القاهرة بما يسمح بفتح الحياة أمام المجال الحقوقي الذي ستكون «المبادرة» قاطرته.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا