تحت ذريعة التعاون مع حركة «أنصار الله»، حاولت ميليشيات «الإصلاح»، في خلال الأعوام الماضية، إخضاع قبائل مأرب بالقوّة، فشنّت حملات أمنيّة ضدّ قبائل عبيدة وجهم والدماشقة، وقصفت مناطق آل سمرة وآل حتيك في العرقين قرب صافر النفطية، وفي الوادي خاضت حرباً غير متكافئة مع الأشراف وقبائل آل مثنى. تحت الذريعة نفسها، ارتُكبت جريمة إبادة أسرة آل سبيعان أواخر حزيران/ يونيو الفائت، بعدما رفض الشيخ محسن صالح سبيعان دعم قوّات تحالف العدوان، لتردّ ميليشيات «الإصلاح» بالهجوم على منزله وقتله مع ستة آخرين من إخوته وأبنائه. جريمةٌ أثارت استياء أبناء القبائل اليمنية، ووحّدت معظم قبائل مأرب والجوف وصنعاء وعمران ضدّ القوات الموالية لـ»التحالف» في المحافظة.«الإصلاح» الذي تمكّن من الاستفراد بمحافظة مأرب، وتحويلها إلى معقلٍ رئيسي له في خلال السنوات الماضية، تجاهل إصلاح الأخطاء التي ارتكبت على يد ميليشيات موالية له في حقّ القبائل المأربيّة، ومضى على نهج النظام السابق في التعامل بالقمع والتهميش والإقصاء مع أبناء المحافظة؛ فمارس سياسات الترهيب ضدّ أبناء القبائل وتعامل بتوجّس مع الموالين لـ»التحالف»، متّهماً الكثير منهم بالتماهي مع قوّات صنعاء، وتعمّد الزج بهم في معارك خاسرة في عدد من محاور القتال في مديريات مأرب، ليدفع الكثير منهم إلى الانسحاب من جبهات العلم والنضود شرقاً، وجبهات الجوبة وحريب ورحبة جنوباً، وجبهة المخدرة وصرواح وحلحلان ورغوان ومدغل غرباً.
حكومة هادي وميليشيات «الإصلاح» التي تقاطرت إلى مأرب كقوّات نازحة، تمكّنت من تعزيز حضورها في المحافظة بمساندة أبناء القبائل. وبعد استحواذها على الدعم المالي والسلاح المقدّم من تحالف العدوان، انقلبت على هؤلاء. دفع هذا شيخ مشائخ قبائل عبيدة، محسن بن علي بن معيلي، إلى توجيه رسالة إلى زعيم «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، في آذار/ مارس 2018، هي عبارة عن عدد من أبيات الشعر، يطالبه فيها بإرسال قوات الجيش و»اللجان الشعبية»، بعدما ضيّقت ممارسات «الإصلاح» خيارات العيش الكريم للناس، مختتماً رسالته بالقول: «وأهل مأرب رجال الحرب والفزعة بعد هذا البلاء معاد أحد صابر».
مضى «الإصلاح» على نهج النظام السابق في التعامل مع أبناء مأرب


تعاملت صنعاء مع قبائل مأرب كأصحاب قرار كونهم سكان الأرض الأصليين، فقدّمت عروض سلام مقنعة، ومنحت هؤلاء الحقّ الكامل في إدارة شؤون المحافظة، بشرط عدم السماح لأيّ طرف من تحالف العدوان باستخدامها كمنطلق للعمليات العسكرية ضدّ الجيش و»اللجان الشعبية». وزاد ثقة قبائل مأرب بـ»أنصار الله»، اعتمادها على قيادات عسكرية ومدنية كبيرة تنحدر من المحافظة. ومنذ مطلع العام الجاري، بدأت عملية التواصل مع القبائل، وتم عقد لقاءات متعدّدة؛ أبرزها لقاء الحوثي مع زعماء قبائل مأرب أواخر نيسان/ أبريل الماضي، حين تم تسليمهم مبادرة سرعان ما وافقوا عليها. وبعدما وصلت أصداء المبادرة إلى الجانب السعودي، ردّت الرياض على مشائخ مأرب، بالتهديد والوعيد.
على رغم ذلك، استمر التواصل بين صنعاء وقبائل مأرب، إذ تمكّنت الأولى، عبر وساطات قبليّة، من إبرام عدد من الاتفاقيات مع قبائل كانت موالية لـ»التحالف» في مديريات رحبة والماهلية والجوبة ومراد ورغوان، سهّلت تقدّم قوات الجيش و»اللجان الشعبية» في عدد من مديريات المحافظة خلال الأشهر الماضية، كما عقدت قيادات عسكرية في صنعاء، على رأسها اللواء أبو علي الحاكم، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، عدّة لقاءات مع كبار مشائخ مأرب في الفترة بين حزيران/ يونيو وتشرين الثاني/ نوفمبر، استطاعت من خلالها تبديد المخاوف القبليّة من تقدّم قوات صنعاء، والاتفاق على التعاون في تحرير المحافظة من القوات الموالية للعدوان.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا