الجزائر | يتنافس المرشحون الستة للانتخابات الرئاسية في الجزائر في مغازلة الإسلاميين، طمعاً في استدراج الوعاء الانتخابي للتيار الإسلامي العازف هذه المرة عن الترشح. فقد أشاد مدير حملة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بمؤسس حركة مجتمع السلم والزعيم الروحي لإخوان الجزائر الراحل الشيخ محفوظ نحناح، وبالرئيس السابق لجمعية الإرشاد والإصلاح الشيخ محمد بوسليماني الذي اغتالته مجموعة إرهابية عام 1994، وامتدح تضحياتهما في الجهد الوطني لمكافحة الإرهاب والرد على فتاوى الجهاد التي كانت تتبناها المجموعات المسلحة في التسعينيات.
يأتي هذا المدح في سياق محاولة استدراج بعض من كوادر حركة إخوان الجزائر وقواعدها لمصلحة المرشح بوتفليقة، في الوقت الذي انسحبت فيه الحركة من جبهة دعم بوتفليقة منذ سنة، بعد دعمها له لثلاث ولايات رئاسية، وإعلانها مقاطعتها الانتخابات الرئاسية.
رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس والمنافس الأبرز للرئيس بوتفليقة التقى في وقت سابق بقيادات وناشطين إسلاميين. ويحوز بن فليس دعم بعض كوادر حركة النهضة (حزب إسلامي)، وتعهد في خطابات انتخابية قبل أيام باستعادة حقوق بعض الفئات المتضررة من الأزمة الأمنية، كالمعتقلين السابقين في الصحراء المقدر عددهم بالآلاف، وأغلبهم من مناضلي الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة. المرشحة لويزة حنون التي عرفت بالدفاع عن الإسلاميين وتبنّيها لقضية المفقودين في فترة الأزمة الدامية، عاودت مغازلة الإسلاميين عبر تبنّيها خطاباً يرتكز على الدعوة الى حل نهائي لبعض الملفات العالقة من فترة الأزمة الأمنية الدامية. لكن انتقادها الحاد لدعاة المقاطعة، وغالبيتهم من القوى الإسلامية، قد يقلل من حظوظ فوزها بجزء من الوعاء الانتخابي للإسلاميين.
ثلاثة مرشحين آخرين وهم موسى تواتي وعلي فوزي رباعين وبلعيد عبد العزيز يبدون الأقل اهتماماً بالوعاء الانتخابي للإسلاميين، لغياب روابط سياسية بينهم وبين أقطاب التيار الإسلامي.
وبرأي الباحث لخضر سفير، فإن المرشحين، خاصة الرئيس بوتفليقة وعلي بن فليس، لديهم وعي كاف بأهمية الوعاء الانتخابي للإسلاميين، وهو ما يفسر توجههم نحو مغازلته. وقال سفير لـ«الأخبار» إن «الإسلاميين لم يكونوا عامل حسم في الاستحقاقات الانتخابية في الجزائر، لكنهم ظلوا عاملاً مهماً في إضفاء التنوع والمصداقية على الانتخابات». وخلال الانتخابات الرئاسية الخمسة السابقة، كان الإسلاميون يتقدمون بمرشحين. في انتخابات عام 1995 ترشح زعيم إخوان الجزائر الراحل محفوظ نحناح. وفي انتخابات عام 1999 ترشح رئيس حركة الإصلاح آنذاك ورئيس جبهة العدالة والتنمية حالياً الشيخ عبدالله جاب الله، وانسحب مع ستة مترشحين آخرين يوم الاقتراع احتجاجاً على ما اعتبروه تزوير الانتخابات. وفي انتخابات 2004 ترشح رئيس حركة النهضة الشيخ عبدالله جاب الله (رئيس جبهة العدالة والتنمية حالياً). وفي انتخابات 2009 ترشح رئيس حركة الإصلاح الوطني جهيد يونسي. لكن اللافت في انتخابات 2014 أنها أول انتخابات يغيب فيها مرشح الإسلاميين، بسبب توجه كل الأحزاب الإسلامية في الجزائر الى خيار المقاطعة، حيث أعلنت حركة مجتمع السلم وحركة الإصلاح وحركة النهضة وجبهة الجزائر الجديدة مقاطعتها للرئاسيات، فيما اختارت جبهة التغيير المنشقة عن إخوان الجزائر التصويت بالورقة البيضاء.
إلى ذلك، تجددت أعمال العنف والمواجهات الدامية أمس في عدد من أحياء مدينة غرداية جنوبي الجزائر التي تقطنها غالبية من الأمازيغ، على خلفية مذهبية وطائفية بين العرب الذين يتبعون إلى المذهب المالكي والأمازيغ الذين يتبعون المذهب الإباضي أدت إلى إصابة أكثر من 15 شرطياً بجروح.