غزة | يتسبّب الانخفاض المتواصل في قيمة الدولار الأميركي أمام عملة الشيكل الإسرائيلي المستعمَلة جبراً في قطاع غزة، في تعميق الأزمات الاقتصادية لدى فئات كثيرة، خاصة العائلات المستفيدة من المنح الخارجية وتحويلات المغتربين، وأيضاً أصحاب المشاريع المتعاملين بالدولار. وفق خبراء اقتصاديين، تتسبّب حركة التطبيع العربي الجارية في زيادة قوة الشيكل؛ إذ رفعت الشراكات والاتفاقات العربية مع العدو من التوقّعات الإيجابية للاقتصاد الإسرائيلي، على رغم الآثار الكارثية لجائحة كورونا. فبعدما كان يُصرف الدولار الواحد بـ3.6 شيكل بات الآن يصرف بـ3.25.من جرّاء الحصار الخانق على قطاع غزة وانكماش الاقتصاد المحلي، يعتمد كثير من القطاعات على الحوالات من الخارج، إضافة إلى المساعدات، مثل المنحة القطرية التي تغطي مئة ألف أسرة فقيرة بمبلغ مئة دولار شهرياً ويتسلمها المستفيدون بالعملة الأميركية. ومع الانخفاض المتواصل في قيمة الأخيرة، باتت الخسائر مؤثرة في هذه العائلات. ويعاني سكّان القطاع من نسبة بطالة هي الأعلى على مستوى العالم، وصلت بالتزامن مع «كورونا» إلى 82% وفق رئيس «اتحاد عمال غزة»، سامي العمصي، ولهذا لم يبقَ لكثير من العائلات سوى الاعتماد على الأموال التي يرسلها أبناؤهم وأقاربهم بالدولار الذي يتسبّب ضعفه في عجزهم عن تغطية مصاريفهم المعيشية بالحدّ الأدنى.
يقول الأكاديمي في جامعة الأزهر في غزة، معين رجب، إنه بسبب فقدان عملة وطنية وتداول ثلاث عملات رئيسة (الشيكل والدولار والدينار الأردني) تكثر الفئات المتضرّرة، وأبرزها الحكومة التي تتلقى مساعداتها بالدولار في حين أن مصاريفها الداخلية بالشيكل. كما أن التجار المصدّرين، خاصة المزارعين، من أبرز المتضرّرين، لأنهم يبيعون بالدولار ومصاريفهم الداخلية بالشيكل. وليس أخيراً، يَلحق الضرر بموظفي «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (أونروا) والمؤسسات التي تتلقى رواتبها بالدولار، ما يقلّل قيمة رواتبهم بنحو 20%، وفق رجب.
وبالنسبة إلى المستقبل، لا مؤشرات على عودة سعر الصرف إلى معدّله السابق، بل يتوقع محلّلون إسرائيليون أن يصل سعر صرف الدولار الواحد إلى ثلاثة شيكلات خلال 2021، خاصة في حال لم يكن هناك تدخل من البنك المركزي الإسرائيلي. كما يتوقع المحللون أن يستمرّ الوضع كذلك حتى تولّي جو بايدن الرئاسة الشهر المقبل.
تسبّبت الاتفاقات العربية مع العدو في رفع التوقعات الاقتصادية للشيكل


وخلال جائحة كورونا، حاول «المركزي» الإسرائيلي التدخل مراراً بجمع أكبر قدر من الدولار في سوق الاحتلال التجارية لإعطائه قوة أمام الشيكل، لكن هذه الخطوة أخفقت في تخفيض الشيكل، ما يتسبّب في خسائر للمصدّرين الإسرائيليين. وبالعودة إلى المتضرّرين في غزة، ثمة فئة أخرى هي المقاولون، الذين بلغت خسائرهم بفعل ضعف الدولار أمام الشيكل أكثر من 20% طبقاً لنقيب المقاولين الفلسطينيين، أسامة كحيل. فمثلاً، المشروع الذي قيمته مليون دولار يخسر حالياً أكثر من 200 ألف شيكل فرق التحويل. ويوضح كحيل أن الوضع القائم تسبّب للمقاولين القائمين على مشاريع المنحَتين الكويتية والإيطالية لإعمار غزة بخسائر كبيرة في رؤوس أموالهم، ما سينعكس على مصاريف الشركات ورواتب العمال المتدنية أصلاً.


اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا