المسألة التي تستحوذ على اهتمام المتابعين للمسار الاسرائيلي الفلسطيني تتمحور حالياً حول ما إذا كانت المساعي الاميركية ستنتج اتفاقاً على تمديد المفاوضات، ما بعد نهاية الشهر الجاري، وبالتالي محاولة استشراف تداعيات كل من المسارات المحتملة.
قبل أي شيء آخر، ما ينبغي التأكيد عليه هو أن محور السجالات والمباحثات لم يعد حول إنتاج خطوط عامة تصلح لأن تشكل أرضية لمفاوضات تنطوي على امكانية معتبرة للتوصل الى حل يتناول بعض أو جميع القضايا العالقة بين تل أبيب ورام الله. نتيجة لذلك، تحول تمديد المفاوضات الى هدف قائم بذاته، بعيداً عن علاقته بوجود أو عدم وجود أي آفاق فعلية لاتفاق محتمل. ولا يخفى أن لهذا الفرق مفاعيله على قراءة احتمالات تحقيق نتائج مفترضة، انطلاقاً من أن التجارب القريبة والبعيدة تثبت مرة تلو الاخرى وجود هوة واسعة تحول دون التوصل الى اتفاق نهائي. وعليه، لو كانت القضية متصلة بهذا الاعتبار، لكان الحكم الفوري والتلقائي هو استبعاد التوصل الى اتفاق.
محاولة استشراف آفاق المحاولات الاميركية، إذا ما قيست بدوافع الطرفين ومصلحتهما في تمديد المفاوضات، تؤدي ابتداءً الى ترجيح كفة النجاح. وفي هذا المجال، يحضر حرص الطرفين على محاولة تفادي التداعيات التي يمكن أن تترتب على الفشل. يُضاف إلى ذلك إصرار الادارة الاميركية على تأجيل استحقاق فشل المفاوضات الى مرحلة لاحقة، قد تكون انجلت خلالها بعض الاستحقاقات الاقليمية.
لكن بالرغم من كل ما تقدم، فإن هذه العوامل قد لا تكون سبباً تاماً يترتب عليه بالضرورة نجاح محاولات التوصل الى اتفاق تمديد المفاوضات، وإن كانت قد تجعلها مرجحة، والتجارب التاريخية تؤكد صحة هذا الاستنتاج.
الى ذلك، فإن السقوف المتباعدة بين الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني، حتى بمعايير الخط التسووي، قد تشكل عقبة جدية تحدّ من مفاعيل الدوافع التي تفرضها مصلحة الأطراف في تحقيق اتفاق يمدد المفاوضات. وتحضر في هذا السياق تجارب تاريخية أثبتت أن عقبات مماثلة أنتجت خلال سنوات طويلة ماضية محاولات فاشلة، وجموداً استمر سنوات. وعليه، فإن الخلاصة الأكثر ملاءمة مع دوافع الاطراف، ومصالحهم الظرفية وتلك المتصلة بخياراتهم السياسية، ترجّح ابتداءً كفة خيار نجاح المساعي الاميركية في التوصل الى اتفاق يمدد المفاوضات، خاصة أن القضية كلها ليست سوى محاولة صناعة جرعة من الاوهام، لأشهر معدودة. لكن هذه النتيجة مشروطة بتنازل أحد الطرفين على الاقل، ولا حاجة إلى القياس على التجارب التاريخية كي نستخلص هوية ذلك الطرف. لكن ماذا لو تم الإعلان عن فشل مساعي تمديد المفاوضات؟ في هذه الحالة، من الواضح أن الطرف الاسرائيلي يكون قد أصرّ لاعتبارات متعددة، منها داخلية، على أن يُدفِّع الطرف الفلسطيني ثمناً على جرأته في الاعتراض، وبالتالي أراد أن يكون تمديد المفاوضات انكساراً إضافياً للسلطة الفلسطينية. وفي المقابل، يكون الطرف الفلسطيني قد فاجأ نفسه، بقول لا «تسووية» وليس لا «ثورية».
وفي السياق، نقل موقع واللاه العبري عن مسؤولين في السلطة الفلسطينية قولهم إن المحادثات بين إسرائيل والسلطة والولايات المتحدة بشأن تمديد المفاوضات هي جدية وإيجابية، وإن الطرفين لا يرغبان في انهيار «العملية»، وإن هناك فجوة جدية بين الطرفين بشأن قضية واحدة أساساً، وهي تجميد البناء في المستوطنات. وبحسب أحد المسؤولين الفلسطينيين أيضاً، لا يزال الخلاف بشأن 30 أسيراً، كان يفترض أن يطلق سراحهم في الدفعة الرابعة، إشكالياً.
السلطة قد
تفاجئ نفسها
بـ«لا تسووية»
وليس «لا ثورية»

لكنه ألمح الى بوادر حلول، تتضمن إطلاق سراح عدد كبير من الأسرى، مشيراً الى أن «مشكلة المشاكل» هي المستوطنات. وأوضح المسؤول الفلسطيني أن هناك معادلة تقدمها إسرائيل عن تجميد جزئي، إلا أنها ليست مقبولة لدى الفلسطينيين، مؤكداً «أننا لسنا على استعداد لأن يبقى الوزير أوري اريئيل (وزير الاسكان) معربداً ويواصل البناء بذرائع شتى، مثل مناقصات كانت قد بدأت أو مناقصات تم المصادقة عليها». وأكد المسؤول الفلسطيني أيضاً أن البناء في «القدس الشرقية» أيضاً غير مقبول، مضيفاً «نحن نعرف كل أحابيل الحكومة الاسرائيلية؛ تجميد البناء الاستيطاني يجب أن يكون مطلقاً كي تستمر المفاوضات حتى نهاية الشهر الجاري». وأقرّ المسؤول الفلسطيني بأن السلطة لم تصرّ خلال جولة المفاوضات السابقة على تجميد الاستيطان بشكل مطلق، وهو ما استغلته إسرائيل بتكثيف البناء، سواء داخل الكتل الاستيطانية أو خارجها. وأكد أيضاً على أن الاجواء إيجابية، باعتبار أن الطرفين لا يرغبان في فشل المفاوضات، ملمّحاً الى أن «أجواء الأزمة» التي تعكسها وسائل الإعلام مبالغ فيها.
ولفت الموقع الاسرائيلي الى أن تل أبيب ما زالت تناقش ما إذا كان يجب على السلطة إلغاء توقيعها على 15 معاهدة دولية، أو الاكتفاء بعدم التوجه الى هيئات أخرى في الامم المتحدة، كشرط لاستئناف المفاوضات. إلى ذلك لمّح وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى مسؤولية إسرائيل عن تعثر مفاوضات السلام مع الفلسطينيين، مؤكداً ضرورة إيمان الطرفين (الفلسطيني والإسرائيلي) بالحاجة للتفاوض لنجاح المفاوضات.
وقال كيري في شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ عن السياسة الخارجية لإدارة الرئيس باراك أوباما: «للأسف، إن السجناء لم يُطلَق سراحهم كما كان يفترض، وأيضاً جرى الإعلان عن 700 وحدة استيطانية في القدس، وتلك كانت اللحظة التي وجدنا فيها أنفسنا حيث نحن الآن».