الجزائر | خرجت مجموعة من الشخصيات الوطنية الجزائرية المؤثرة من الصمت الذي لازمها طوال الفترة الماضية، مؤكدة خطورة المرحلة الراهنة التي تمر بها البلاد والانعكاسات السلبية التي ستنبثق عن ولاية أخرى لعبد العزيز بوتفليقة، التي باتت شبه مؤكدة بالنسبة إلى الرأي العام بعدما استبق الرئيس المرشح الانتخابات بحركة تغييرات على مستوى دوائر صنع القرار الانتخابي بتعيين مقربين منه في الوزارات ذات الصلة بالعملية الانتخابية، بعيداً عن الإرادة الشعبية التي خرجت إلى الشارع تطالب برحيله بعد 15 عاماً من حكمه للبلاد التي عصفت بها في السنوات الماضية ملفات فساد ثقيلة أضرت بهيبة الجزائر دولياً.
الرئيس السابق الأمين زروال واحد من الذين رفضوا العودة إلى كرسي المرادية، رغم إصرار فئات واسعة من المجتمع وصناع القرار على أن يترشح. إلا أنه أكد رفضه القاطع، مشدداً على ضرورة تسليم السلطة لجيل الشباب، منتقداً في الوقت عينه محيط الرئيس المصر على الدفع ببوتفليقة للبقاء في الحكم، رغم حالته الصحية المانعة.
وكشف زروال، الذي يحظى بشعبية كبيرة لدى الجزائريين، «أن الجزائر كانت أمام محطة للتغيير والتداول على السلطة»، منتقداً ضمناً استغلال محيط الرئيس للوضعية الصعبة التي يمر بها بوتفليقة صحياً لإمرار ولاية رئاسية رابعة على مقاسهم.
كما عاد رئيس الحكومة الأسبق سيد أحمد غزالي إلى الواجهة بعد غياب طويل عبر منتدى جريدة «ليبرتي» عشية الحملة الانتخابية، مؤكداً رفضه لترشح بوتفليقة في مثل حالته الصحية، قائلاً «لا أطلق الرصاص على سيارة إسعاف فهذا ليس من أخلاقي». ولفت إلى أنه كان ضد الولايات الثلاث السابقة، واصفاً المرحلة التي تمر بها البلاد بـ«الخطيرة»، ومشدداً على أن الولاية الرابعة هي «مهزلة» تعرّض الجزائر «لمسخرة دولية».
رفض ولاية رئاسية أخرى لبوتفليقة لم يقتصر على الشخصيات السياسية الفاعلة، بل تعداه إلى رفاق الدرب والكفاح إبان ثورة التحرير الكبرى؛ فـ«سي عبد القادر» (كما كان يلقب بوتفليقة في الثورة) وجد في واجهة الرافضين لبقائه في السلطة إحدى «جميلات الجزائر» الخالدات ورموز الوطن، جميلة بوحيرد التي أعلنت صراحة أنها ستنزل إلى الشارع إذا ترشح بوتفليقة لولاية رابعة.
وبحسب ما كشفت مصادر موثوقة لـ«الأخبار»، فإن جميلة بوحيرد طريحة الفراش، وهذا ما منعها من الخروج مثلما وعدت به الجزائريين.
من جهته، تهكم المجاهد والعقيد المتقاعد أحمد بن شريف على ترشح بوتفليقة مرة أخرى، داعياً الجزائريين إلى الدفاع عن حقهم في اختيار من يقود البلاد بالخروج إلى الشارع في حال تزوير الانتخابات لصالح بوتفليقة. وأكد بن شريف أن هذا الأخير لن يحصد أكثر من 10% من أصوات الناخبين. وقال قائد الدرك الوطني سابقاً إن «الجزائر أصبحت رهينة في يد المافيا السياسية والمالية بقيادة السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس»، وأعاب عضو مجلس الثورة على الرئيس المترشح تشبثه بالكرسي، مؤكداً أنه اتصل مراراً ببوتفليقة لكنه لم يستطع الكلام نظراً إلى حالته الصحية المتدهورة.
خصوم بوتفليقة، وإن جاءت تصريحاتهم متأخرة حسب العارفين لأن التسليم بتعديل الدستور في 2008 بفتح الولايات الرئاسية كان دليلاً كافياً على رغبة بوتفليقة في البقاء رئيساً حتى آخر نفس من حياته، إلا أن ثقل الرافضين لولاية أخرى هذه المرة قد يقلب موازين القوى، وخاصة أن اللاعب الأقوى في لعبة تعيين الرؤساء هو جهاز المخابرات الذي دخل في صراع مع الرئيس ومحيطه، ما دفع بالجهاز الأمني إلى خيار تزكية المرشح علي بن فليس الذي يعتبر المنافس الأقوى للرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة.