القاهرة | قبل أيّام قليلة، انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملة تستهدف شركة «فودافون مصر» من العملاء الغاضبين نتيجة سوء خدمة الشركة التي يقع مقرّها الرئيس في لندن. وعلى رغم أن نسبة لا يستهان بها من العملاء شاركت بالفعل في الحملة، لكن الأخيرة حظيت بدعم كبير من «اللجان الإلكترونية» التابعة للدولة، وذلك ضمن سلسلة ضغوط تتعرّض لها الشركة الإنكليزية منذ شهور كي توافق على بيع حصّتها الحاكمة في شبكة الجوال لـ«الشركة المصرية للاتصالات» التابعة للحكومة، والتي يديرها الجيش بالكامل.وفق بيان «فودافون مصر» قبل شهور، شملت خطّة التخارج من السوق المصرية التفاوض مع كلّ من شركة «الاتصالات السعودية» (STC)، و«المصرية» التي تمتلك شبكة جوال أخرى خاصة بها، إلى جانب حصّة أقلّية في «فودافون»، صاحبة العدد الأكبر من العملاء والأكثر جودة طبقاً للتقارير الرسمية مقارنة بالشبكات الثلاث الأخرى العاملة في البلد. لكن «المصرية» التي يديرها الجيش أرادت الحصول على حصّة «فودافون» الإنكليزية بمبلغ أقلّ ممّا تعرِضه "STC"، وهو ما رفضه البريطانيون، حتى لو كان البيع لشريك له حصّة أقلّية، ومن هنا بدأت حملة المضايقات على الشركة التي كانت ترغب في إتمام الاستحواذ السعودي سريعاً لضخّ عائده في تطوير شبكتها في دول أوروبية أخرى.
لم تدفع ضغوط القاهرة "فودافون" سوى إلى البقاء واتخاذ قرار بالتوسّع كي تحافظ على ريادتها في السوق المصرية، لكنها وجدت أمامها رسوماً ضريبية يُفترض دفعها وفق التعديلات القانونية التي أقرّها البرلمان أخيراً، إلى جانب عراقيل أخرى لتشويه سمعتها ووصمها بأنها من الشركات السيئة الجودة. خطواتٌ دفعت الرئيس التنفيذي لمجموعة «فودافون» العالمية، نيك ريد، إلى زيارة مصر ولقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي أمس، للاحتجاج على الصعوبات التي تواجه شركته.
قررت «فودافون» البقاء في السوق المصرية بعد إحباط الصفقة


صحيح أن الزيارة مخطّطة ومدرجة على جدول ريد، لكن اختيار توقيتها ارتبط بالإعلان النهائي عن وقف صفقة البيع للشركة السعودية، توازياً مع إطلاق «فودافون» حملة ترويجية كبيرة لعروض ومميّزات وحملات إعلانية في مواقع متخصّصة لتحسين صورة الشركة، ووعوداً بحلّ المشكلات التقنية التي ظهرت خلال الأيام الماضية نتيجة تحسين جودة الاتصالات. ومع أن امتلاك الدولة شركتين لخدمات الهاتف المحمول من أصل أربع لن يكون مجدياً، خاصة أن الشبكة الحكومية هي الأسوأ على رغم كونها الأحدث، فإن اتباع سياسة الاحتكار ومنع أيّ منافسة حقيقية للشركات الأخرى سببان أساسيان في هذه الخطوة التي لم تجد «فودافون» مفرّاً بعدها من التسليم بضرورة البقاء في السوق المصرية حتى إشعار آخر.
في المقابل، تقوم وجهة نظر الدولة على أن الشركة الإنكليزية استثمرت وحقّقت مكاسب سنوية متزايدة، ولذلك لن يكون ذا تأثير كبير عليها تخفيضُ أسهمها لتسريع إتمام البيع وترك السوق المصرية. لكن هذا الافتراض لم يقبله البريطانيون الذين وجدوا في تحرّك النظام بهذه الطريقة غياباً لأيّ معايير تنافسية، ومع ذلك وصلوا إلى تفاهم باستمرار التسهيلات لهم في حال بقائهم في مصر، الأمر الذي دفع الشركة إلى العدول عن قراراتها تجنّباً لخسائر محتملة.
وليست مضايقة «فودافون» أمراً جديداً؛ إذ إن من أسباب قرار الشركة ترك السوق المصرية الدعوة السابقة التي وجّهها مدير مكتب رئيس المخابرات، الضابط أحمد شعبان، إلى وقف التعاون معها بعدما وضعت على فرعها في قطر جملة «تميم المجد»، وهو ما خلّف تأثيراً كبيراً على صورة الشركة، واضطرها إلى بيع حصّتها هناك عام 2018.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا