غزة | جدّدت المصالحة الخليجية، وعلى رأسها التفاهمات بين السعودية وقطر، الآمال لدى أطراف فلسطينية بتحقيق مكاسب بعدما تأثرت طوال السنوات الثلاث الماضية، وخاصة حركة «حماس» التي تطمح إلى تدخل قطري لدى السعوديين للإفراج عن معتقليها كما حدث في أوقات سابقة، فيما تأمل «فتح» والسلطة من ورائها بمزيد من الدعم القطري والسعودي المريح لهما، بعد تأثرهما بالتجاذبات جراء علاقة الرئيس محمود عباس بالدوحة. وعلمت «الأخبار» من مصادر حمساوية أن الحركة تعوّل على قيادة القطريين وساطات تؤدي إلى الإفراج عن عدد من القيادات و62 فلسطينياً مسجونين منذ سنوات بتهمة الانتماء إليها. لكن تصطدم هذه الآمال بطبيعة المصالحة الحالية وقدرة القطريين على فتح مثل هذه المواضيع مع السعوديين قريباً، وخاصة أن الثقة بينهما لا تزال في أدنى مستوياتها.
ستسعى السلطة إلى ترميم علاقتها بالسعوديّة جرّاء التقارب بين عبّاس وقطر (أي بي أيه )

ومع اقتناع «حماس» بأن تغيّراً في السياسة القطرية تجاهها لن يكون جوهرياً رغم السياسة السعودية المعادية للحركات الإسلامية، والمؤيدة لحركة التطبيع العربي والإسلامي مع العدو الإسرائيلي، وتكرار إشارة مسؤولين سعوديين إلى أن «حماس حركة إرهابية» في أكثر من موضع، فإن الرؤية الحمساوية هي أن السعوديين سيدخلون بعد غياب طويل على خط المصالحة بين «فتح» و«حماس»، فضلاً عن توقعها دعم الرياض الانتخابات الفلسطينية المزمع عقدها خلال ستة أشهر. فوق ذلك، تمثّل استعادة «حماس» شرعيتها في النظام السياسي الفلسطيني في حال إجراء الانتخابات نقضاً للتوصيف السعودي للحركة بـ«الإرهاب»، وهو ما قد يمهد لإنهاء الحالة المتوترة بين الطرفين خلال السنوات الأخيرة.
تصبّ في هذا الاتجاه تصريحات رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، في ترحيبه بالمصالحة الخليجية حين قال إن «أي مصالحات في المنطقة تصب في المحصلة الأخيرة في مصلحة القضية الفلسطينية، وتنعكس إيجاباً علينا». لكن يرى مراقبون أن تراجع الحركة وموافقتها على إجراء الانتخابات بالتتالي بعدما كانت تصر على إجرائها بالتزامن هو جزء من قراءة الحركة لتبعات المصالحة الخليجية، وذلك خشية منها أن تكون هي المستهدفة قريباً، وأن يكون هذا الاتفاق على حسابها بصفتها خارج النظام الفلسطيني، ومعنى ذلك أن الأسلم لها وخاصة في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن هو أن تأخذ غطاء الشرعية الفلسطينية مجدداً.
جراء ذلك، كانت الحركة من أوائل المهنئين بالمصالحة وأصدرت بياناً فور إعلانها أعربت فيه عن أملها بأن تنتهي الأزمة الخليجية بالكامل، و«استعادة الوحدة والتضامن الخليجي الذي يصب في وحدة الموقف العربي المأمول»، داعية إلى «إطلاق أوسع حوار إقليمي لإنهاء مختلف عوامل وعناصر الخلاف بين جميع الدول العربية والإسلامية في المنطقة».
تطمح «حماس» إلى توسّط الدوحة لدى الرياض بشأن كوادرها المسجونين


على الجانب الآخر، تعوّل السلطة على أن تؤدي المصالحة الخليجية إلى إعادة الدعم إليها، سواء مالياً أو في مسار المفاوضات مع الاحتلال بشرط إنهاء خطّتي «صفقة القرن» و«ضم الضفة». وتدّعي رام الله أن «وحدة الموقف العربي تساهم في دعم القضية الفلسطينية» على الساحة الإقليمية، وأن تقديم الدعم المالي يمكنها من مواجهة التحديات المفروضة عليها. أيضاً ترى السلطة أن هذه المصالحة قد تدعم الموقف الفلسطيني في طاولة المفاوضات في حال خفوت حدة الضغط الأميركي على الأنظمة العربية، وأن تلك الضغوط دفعت تلك الدول خلال ولاية دونالد ترامب إلى اتخاذ مواقف مضادة للقضية، وخاصة في ما يتعلق بالتطبيع والموافقة على «صفقة القرن»! ولعلّ أبرز ما ستسعى إليه السلطة خلال المرحلة المقبلة هو ترميم العلاقات مع السعودية التي ساءت علاقتها بسبب تقارب عباس مع قطر واحتمائه بها أمام الضغوط السعودية والمصرية عليه لقبول الخطة الأميركية طوال العامين الماضيين. رغم ما سبق، لا تزال تأثيرات المصالحة الخليجية في القضية الفلسطينية متأرجحة، سواء بسبب ضبابية الاتفاق أو قدرة هذه المصالحة على إعادة العلاقات إلى طبيعتها وسط غياب الثقة.